الرئيسية » أخبار محلية » الاستنهاض الثقافي وكيفية تحقيقه: مؤتمر للمجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي في طرابلس
عقد في "مركز الصفدي الثقافي" بطرابلس مؤتمر "الإستنهاض الثقافي وكيفية تحقيقه" بدعوة من مؤسسة الصفدي والمجلس الثقافي للبنان الشمالي، والذي إمتدت فعالياته على مدى يومين. الإفتتاح الذي أداره رئيس المجلس الدكتور

الاستنهاض الثقافي وكيفية تحقيقه: مؤتمر للمجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي في طرابلس

عقد في “مركز الصفدي الثقافي” بطرابلس مؤتمر “الإستنهاض الثقافي وكيفية تحقيقه” بدعوة من مؤسسة الصفدي والمجلس الثقافي للبنان الشمالي، والذي إمتدت فعالياته على مدى يومين. الإفتتاح الذي أداره رئيس المجلس الدكتور نزيه كبارة، وحضره المدير العام لـ”مؤسسة الصفدي” رياض علم الدين، استهله الدكتور مصطفى الحلوة باسم المؤسسة، فأكد على ثوابت ثلاث: الاولى إن نظم التعليم القديمة قد عفى عليها الزمن في ضوء ثورة المعلومات، وثانيا أنه من الخطأ مقاربة المسألة بعين محلية ضيقة، أما الثالثة فتتعلق بالتصدي لأزمة الثقافة بعقل ينتمي إلى زمن غير زمننا الآخذ في الأفول. وقال: إن الأجيال العربية الشابة إبتدعت صيغة” المدونات” الأدبية والسياسية كأسلوب جديد للتفاعل السياسي والإجتماعي فيما بينها متجاوزة بذلك القيود التي تضعها الحكومات على حرية التفكير وحرية التعبير. وختم: “إن مركز الصفدي الثقافي الذي يحتضن مؤتمرنا سيبقى موقعا متقدما في خدمة الفكر يشرع أبوابه لكل من يسهم وما يسهم في إرتقائنا على جميع الصعد”.

ثم تحدث رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمال الدكتور نزيه كبارة عن نتائج الإستبيان الذي وجهه المجلس إلى عدد من المديرين ومنسقي اللغة العربية والمعلمين في الثانويات الرسمية حول الأسباب التي يرونها وراء ضعف التلاميذ في اللغة العربية وفي المستوى الثقافي بشكل عام حيث تناولت أسئلة الإستبيان العناصر التي تتألف منها العملية التعليمية وأثرها في تدني مستوى التلاميذ اللغوي والثقافي. وخلص إلى الدعوة إلى توحيد السياسة التربوية والتأكيد على أن غاية المدرسة هي أولا التربية على القيم والمبادىء والإنتماء إلى الوطن وتعزيز الديمقراطية وإقترح إختيار المدير الكفؤ بعيدا عن التدخلات السياسية وتحديث المناهج نوعا لا كما وإجراء دورات تدريبية مستمرة لإعادة تأهيل المديرين والمعلمين وتعزيز التعاون بين الاهل والمدرسة ووضع برامج تلفزيونية توجيهية. كما دعا في ضوء الاستبيان إلى إنشاء مكتبات عامة ومراكز ثقافية ونوادي رياضية مفتوحة للشباب وإلى تبسيط منهج التربية المدنية وتعزيز نظرة الشباب إلى اللغة الأم وتذليل العقبات الإجتماعية عن طريق إفهام الأهل أهمية النشاطات في تعزيز شخصية التلميذ الفكرية والإجتماعية.

الجلسة الأولى: التدني الثقافي واللغوي لدى الجامعيين: أسبابه وعلاجه

ثم إنعقدت جلسة عمل ترأسها الدكتور سعدي ضناوي وتناولت تدني المستويين اللغوي والثقافي لدى الطلاب الجامعيين: أسبابه وطرق معالجته. فتوقف الدكتور إميل يعقوب منسق اللغة العربية في كلية الآداب والعلوم الإنساني – الفرع الثالث بطرابلس عند أسباب تردي اللغة العربية عند الطالب والمعلم وفي ما يتعلق ايضا بالبرامج وطرق التدريس وتوقف عند تخلي المجتمع عن إستخدام الأسماء العربية سواء في الكلام وفي كتابة أسماء المحلات والمؤسسات التجارية والصناعية وتساءل لماذا لا ندرس مواد العلوم والرياضيات باللغة العربية، ورأى أن هناك فرقا بين النحو العربي ونحو العربية. كما تحدثت الدكتورة هناء صوفي عبد الحي (كلية الحقوق والعلوم السياسية- الفرع الثالث بطرابلس ). فتوقفت عند تعريف كل من اللغة والثقافة وشددت على الإرتباط بين اللغة الأم وبين إتقان هذه اللغة في مجالات مختلفة ورأت إن إكتساب الطالب للغات الأجنبية يغني شخصيته ومعلوماته ومداركه. كما رأت إرتباطا وثيقا بين اللغة والمجتمع. كما تحدث مدير معهد العلوم الإجتماعية – الفرع الثالث بطرابلس الدكتور عاطف عطية فأكد وجود تدن ملحوظ للغة العربية ليس فقط على المستوى الجامعي ولكن على صعيد المجتمع ككل. ونحن في معهد العلوم الإجتماعية لا نعاني فقط من تدن في مستوى الطلاب على صعيد اللغة العربية بل أن ذلك يشمل أيضا تراجع مستواهم على صعيد اللغات الأجنبية.

الجلسة الثانية: دور الإعلام في الاستنهاض الثقافي

وترأس الدكتور مصطفى الحلوة جلسة العمل الثانية حول دور الإعلام في الإستنهاض الثقافي”، وقال: إن الظاهرة الإعلامية، ليست ظاهرة منفكّة او معزولة عن منظومة ثقافية. فإن الثقافة تلتقي الإعلام في أنها تقوم على نظام اتصال بل هي نظام إشاري بالشكل الذي حدده السيميائيون. وهي تحتاج حتى تصل للمتلقي إلى قناة موصلة، تطورت من مرحلة إلى مرحلة، وصولاً إلى ثورة الاتصالات الحديثة. أضاف: “بإمكان الوسيلة الإعلامية أن تكون محافظة أو ثورية، ذات منظور ثقافي راق أو ذات محتوى مبتذل. لقد ازدادت اهمية هذه الوسيلة مع مولد الرأي العام واتساع دائرة الثقافة الجماهيرية. بل بات الإعلام مجسداً للسلطة الرابعة، هي سلطة هذا الرأي العام”.

وتحدث صاحب ورئيس تحرير جريدة الإنشاء الإعلامي مايز الأدهمي فأشار إلى أن الإعلام بوسائله وآلياته يشكل القناة التي تغذي المجتمع بالنتاج الثقافي من خلال عمليات الإتصال الجماهيري بين مصدر الرسالة الثقافية والجمهور المتلقي لها عبر الوسيلة الإعلامية، وبالمقابل فإن المثقفين لا يجدون بديلا عن الإعلام لزرع أفكارهم في أرض الواقع لما للإعلام من تأثير في الرأي العام ومن قدرة على تعميق او تسطيح أو تغيير بعض الإتجاهات السائدة في المجتمع. وأعرب عن إعتقاده أن الصحافة المحلية تقوم بما يتوجب عليها في تسليط الضوء على مختلف النشاطات الثقافية التي تشهدها المدينة والمنطقة، ورأى ان عدم القدرة على متابعة كل الأنشطة أحيانا يعود إلى مصادفة قيام أكثر من نشاط في نفس التاريخ ونفس الساعة وفي أماكن مختلفة إضافة إلى أن الوسيلة الإعلامية وخاصة في الشمال لا تملك من الإمكانات ما يجعلها قادرة على متابعة جميع هذه الأنشطة. وقال: “إذا كان علينا أن نبدأ بتغيير ما فإن البداية يجب أن تكون من التربية ومدخلها اللغة وركيزتها الثقافة وكل ذلك رهن بتوافر الحرية، إلا أن الحرية الكاملة والمطلقة محض وهم، وما يحكم الثقافة والإعلام أبعد وأخطر وأعقد من كل القوانين الرقابية الحكومية، إنه رأس المال صاحب القوانين الصارمة والذي لا يمكن لوسيلة إعلامية أو دائرة ثقافية الخروج عليه”.

كما تحدث مدير تحرير جريدة التمدن الإعلامي فواز سنكري الذي أجرى نقدا ذاتيا لمطبوعات الدار. وقال: “لم نصل بعد إلى مستوى صانعي الثقافة ومحاولاتنا كانت دائما قاصرة وقصيرة النفس ومبتورة وشكلية. كما تحدث عن تجربة التمدن في إصدار “التمدن ماغازين” و”صوت البلاد” حيث “أولينا الثقافة حيزا أكبر”. وتناول إقامة معرض الكتاب في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس حيث “تحتاج إلى جهد كي تجد المساحات القليلة التي يعرض فيها الكتاب مقارنة مع المساحة الإجمالية للمعرض”. ورأى أن المراكز الثقافية في المدينة حاليا هي عارضة للثقافة غير معنية بإنتاج وصناعة الثقافة المحلية، وقال: إننا نعاني من الفشل العائد في شق منه إلى إسلوبنا في العمل وآخر إلى إستسلام الكثيرين في مجتمع المدينة في مواجهة التسطيح والإلغاء والتبسيط والتهويل والترهيب والتعتيم والتقويض والترويض. فرد الدكتور مصطفى الحلوة قائلاً: مع تقديري لجرأة السيد سنكري، فإنه لا يجوز المبالغة في تعرية الأعمال الثقافية التي تقوم بها بعض المؤسسات الاجتماعية ومن بينها “مؤسسة الصفدي” مثلاً التي خلقت مناخاً ثقافياً متجدداً في طرابلس، وهي تملأ بعضاً من فراغ في الميدان الفكري والثقافي والفني، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، “الفعالية الفكرية” جامعيو طرابلس: يقرأون، يبحثون ويكتبون”، التي شكلت تظاهرة ثقافية نوعية كونها ارتكزت على دراسات أكاديمية جادة.

كما تحدث الإعلامي صفوح منجّد فرأى أن الثقافة والإعلام في عصرنا الحاضر قد أصبحا وكأنهما على نقيض كقطبي قطعة مستطيلة من المغناطيس لا يلتقيان في حين أن رجال النهضة العربية في القرن التاسع عشر وغالبيتهم من المفكرين والمثقفين وأصحاب الأقلام الجريئة أيضا قد طوعوا قطعة المغناطيس هذه وجعلوها كحدوة الحصان فإلتقى كل من الإعلام والثقافة والفكر النير في عملية النهوض بالمجتمع والتصدي لقضايا المواطنين وشؤون الأمة. وتساءل: أين نحن في طرابلس من حراك ومواقف جرجي ينّني وسليم غنطوس وياسر أدهمي ومحمود الأدهمي وبهاء مولوي وأحمد زكي الأفيوني؟ نحن في طرابلس بل في كل لبنان نعيش مشكلة إنفصام بين الإعلام والثقافة على الرغم من المخاطر الكبيرة على مختلف الصعد المحلية واللبنانية المحدقة بالوطن. وأشار إلى أن الصحافة المحلية واللبنانية قد مرت بفترات عز وإزدهار وبفترات صعبة أيضا مطالبا بتخصيص إعلانات من المؤسسات الرسمية والخاصة المتواجدة في العاصمة لدعم الصحف المحلية في طرابلس والمناطق. وطالب بشكل خاص بإنشاء مجلس أعلى للصحافة ودمج نقابتي الصحافة والمحررين وجعل الرئاسة أو منصب النقيب مداورة بين المسلمين والمسيحيين وطالب بتشكيل هيئة طوارىء ثقافية وإعلامية للتصدي للقضايا التي تعاني منها المدينة وملاحقة متطلباتها على مختلف الصعد الإنمائية والحياتية، كما طالب بتعزيز وزارة الثقافة والإهتمام بتدريس مواد الفنون الجميلة من رسم ومسرح وغناء وغيرها في المدارس الرسمية.

الجلسة الثالثة: تجليات الثقافة ودورها في الاستنهاض الثقافي

وترأس الدكتور نزيه كبارة الجلسة الثالثة تحت عنوان تجليات الثقافة ودورها في الإستنهاض الثقافي. فتناول الفنان فائق حميصي دور المسرح في عملية الإستنهاض الثقافي كوسيلة لتنمية شخصية المواطنين، مشيرا إلى دور المسرح في عملية الإبتكار والإبداع بجمعه بين المعارف والعلوم والفنون. كما توقف عند تجربته الشخصية في المسرح والتلفزيون حيث تحول المسرح حاليا إلى مؤسسة تجارية بسبب ما يواجهه من صعوبات مادية مؤكدا على الدور الطليعي للمسرحيين اللبنانيين في مواجهة أجواء التقسيم خلال الحرب اللبنانية الإنخراط في عملية التغيير والحراك الثقافي والإجتماعي.

كما تحدثت الدكتورة زهيدة درويش (كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الفرع الثالث بطرابلس) فرأت أن للدراسات الأدبية وظيفتان: الأولى تجاه المتلقي والثانية تجاه الكاتب، حيث بقي النقد الأدبي لمدة طويلة في العالم العربي أسير المنهجية القديمة. وقالت: لدي قناعة راسخة في أن الكتابة باللغة الأجنبية لا تقل أصالة في إنتمائها إلى الثقافة العربية المشرقية عن الأدب المكتوب بلغة الضاد. وقالت: لا بد من الإعتراف بأن غالبية الطلاب الجامعيين في أقسام اللغات والآداب لم تختر هذا الإختصاص بدافع الميل والإهتمام بل لمجرد الحصول على شهادة جامعية تؤمن فرصة للحصول على وظيفة في قطاع التعليم، لذلك يكتفون بالحد الأدنى من المعلومات التي تضمن لهم علامة النجاح. وأعتقد أن إسهام الدراسات الأدبية في بلورة الحس النقدي وبالتالي في النهوض الثقافي يبقى محدودا.

كما تحدثت سوزان تلحوق رئيسة جمعية “فعل أمر” عن دور المجتمع المدني في بناء الأرضية الثقافية فتوقفت عند مشروع الجمعية من أجل حق الإنسان في الدفاع عن لغته الأم من خلال أنشطة تعيد إحياء العربية وتوعية الفئات الشبابية بوجوب التعبير عن أفكارها باللغة الأم وإبراز مرونة اللغة العربية وجماليتها وشرحت أهداف الجمعية ومدلولات إسم الجمعية وقالت: ان إستخدامنا للغتنا الأم هو للتأكيد على هويتنا وتاريخنا ومستقبلنا ولكن ذلك لا ينفي إتقان اللغات الأخرى.

 

 

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *