الرئيسية » أخبار محلية » الرئيس ميشال سليمان في طرابلس مفتتحاً اللامركزية الادارية

الرئيس ميشال سليمان في طرابلس مفتتحاً اللامركزية الادارية

michel soulaymanتركت زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى طرابلس انطباعا ايجابيا وارتياحا لدى كافة الاوساط الطرابلسية والشمالية عموما نظرا للمشاركة الفاعلة للرئيس في افتتاح مؤتمر اللامركزية الادارية التي اعتبرتها الاوساط اشارة الى اهتمام سليمان بالمناطق خصوصا وانه كان ينصت باهتمام الى الكلمات التي تحدثت عن حاجات الشمال وبالتالي عن اهمية اللامركزية الادارية لاسيما ما سمعه في اللقاء الذي سبق حفل الافتتاح مع نواب وفاعليات مدينة طرابلس.

وكانت الكلمة التي القاها  الرئيس سليمان قد حملت أجوبة على تساؤلات الأوساط والقيادات لا سيما في تأكيده على ” وجوب ان تكون اللامركزية الادارية بندا اساسيا من بنود البيان الوزاري للحكومة العتيدة، مضيفا ان تطبيق الانماء المتوازن واجب التزمنا به وسنعمل على تحقيقه وخصوصا في الشمال الذي نحب وعاصمته طرابلس الفيحاء. ورأى أن اللامركزية في اجواء من الامن والاستقرار لها الدور الاساس في بلوغ هذه الاهداف، داعيا القوى المسلحة اللبنانية المسؤولة الى ضرب المتلاعبين بامن طرابلس وابناء الشمال وكل لبنان وردع كل مخل بالامن بما يخدم مصلحة المواطنين وهناء عيشهم، معتبرا ان انتخاب لبنان للعضوية غير الدائمة لمجلس الامن بهذه النسبة المرتفعة من الاصوات تقارب الاجماع لدليل ساطع ومشرف على مدى الثقة التي ما زال يمنحها العالم للبنان الدولة والوطن، “فلنكن على قدر المسؤولية الملقاة عل عاتقنا ونقبل التحدي لنبرهن للعالم اننا جاهزون للمشاركة في معالجة المشاكل الكبرى المطروحة على اعلى هيئة مسؤولة عن الامن والسلام العالميين”، سائلا “اوليس اثبات قدرتنا على ادارة شؤوننا بانفسنا بحكمة وترفع وذكاء هو اقل ما يمكن فعله لتعزيز مسيرة حضورنا الدولي واستعادة الثقة بوطننا العزيز؟”، مشددا على عدم التعارض على الاطلاق بين التنوع والوحدة “فلبنان دولة مركزية قوية تحترم الخصوصيات وتشجع غنى التنوع وترفعه الى مرتبة الرسالة”.

واذ دعا الى التمثل بالرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب باني ركائز الدولة المؤسساتية وواضع تقسيمها الاداري، قال: “اربعون سنة مرت على تلك الانجازات فماذا اضفنا اليها بل ماذا فعلنا بالوزنات”؟، لافتا الى انه آن الاوان لكي تدق ساعة الحقيقة اللبنانية، ساعة لا وقت فيها للراحة ولا مكان فيها للانانية”.

مواقف الرئيس سليمان جاءت في خلال رعايته وحضوره حفل افتتاح مؤتمر “اللامركزية في الشرق الاوسط”، بدعوة من اتحاد بلديات الفيحاء ولجنة اللامركزية في منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، والذي اقيم السادسة من مساء اليوم في فندق “كواليتي إن” في مدينة طرابلس، في حضور رئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة، وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، وزير المالية محمد شطح، وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي، ونواب وفاعليات المنطقة، وقادة عسكريين وأمنيين ومحافظ الشمال ناصيف قالوش وسفراء عدد من الدول، ورؤساء بلديات ومخاتير المنطقة وحشد من المدعويين.

ونظم المؤتمر بالتعاون مع لجنة رؤساء البلديات اللبنانية ومقاطعة برشلونة في اسبانيا ومكتبة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، المكتب التقني للبلديات اللبنانية.

وقائع الاحتفال
ولدى وصول الرئيس سليمان، ادت له ثلة من حرس الشرف التحية وعزفت الموسيقى لحن التعظيم. ثم استعرض حرس الشرف، وكان في استقباله عند المدخل وزير الداخلية والبلديات ورؤساء البلديات الداعية للمؤتمر.

ولدى دخوله الى قاعة المؤتمر، علا التصفيق ثم افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني قدمته “كورال الفيحاء”، فكانت كلمة ترحيبية لعريف الحفل ممثل منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة ومدير المكتب التقني للبلديات اللبنانية بشير عضيمي. ثم كانت كلمة لرئيس بلدية طرابلس رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رشيد جمالي ثم كلمة لرئيس بلدية بيروت عبد المنعم العريس فكلمة لرئيس مقاطعة برشلونة انطوني فوغي، ثم كلمة للامينة العامة لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة اليزابيت غاتو.

كلمة رئيس الجمهورية
ثم القى الرئيس سليمان الكلمة التالية:

أهل طرابلس الاعزاء،
قد يكون لبنان بحجم محافظة في فرنسا، أو بحجم منطقة في إسبانيا أو بحجم مدينة في البرازيل. وقد يكون من أحد البلدان الأقل استقرارا على مدى تاريخه الحديث، إلا انه يبقى البلد الأكثر تنوعا، جغرافيا وبشريا وتكوينا، مقدما ابهى صور التفاعل المجتمعي في غناه وتنوعه ضمن وحدته.
ولأننا نجرؤ على مقاربة مشاكلنا، فلنعترف بأن ما حال دون أن يكون لبنان نموذجا كاملا، فاعلا في محيطه، متفاعلا في داخله، هو انصراف إرادة أبنائه، أحيانا، عن تجديد العقد الاجتماعي الذي بينهم على أسس العيش المشترك والانفتاح والسلام.

لا تعارض على الإطلاق بين التنوع والوحدة: فلبنان دولة مركزية قوية تحترم الخصوصيات وتشجع غنى التنوع وترفعه الى مرتبة الرسالة.

ولبنان القوي هو الذي يزاوج بين مركزية الانتماء والهوية والمصير، وبين حرية المعتقد وخصوصيات عائلاته الروحية وتمايز مناطقه.

لا تعارض، بل تكامل.
لا انفصام، بل اتصال.
لا تقسيم قاتل، بل وحدة تشاركية.
هذا هو لبنان القوي.
هذا هو لبنان الرسالة، الذي يطمح لأن يكون مركزا دوليا لحوار الديانات والحضارات والثقافات.
هذا هو لبنان العلامة الفارقة، إذا أحسنا إدارة التنوع ضمن الوحدة.

إن لبنان اليوم هو احوج ما يكون الى تصميم واضح من جميع حكامه وأبنائه، على التنافس على الخدمة العامة وعلى إعطاء الدولة بجميع إداراتها الأولوية في شؤونهم وبرامجهم، على غرار ما سعى إليه الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب، باني ركائز الدولة المؤسساتية وواضع تقسيمها الإداري.

أربعون سنة مرت على تلك الإنجازات، فماذا أضفنا إليها؟ بل ماذا فعلنا بالوزنات؟ إسألوا اللبنانيين واللبنانيات عن رأيهم بأداء الدولة اللبنانية، يأتيكم الجواب بالحسرة والأسف والغضب من تبديد حقوق الأجيال القادمة.

أنا لا أعرف لبنانيا واحدا لا يحلم بأن تكون له دولة عصرية يتباهى بها في الشرق والغرب. وأنتم الأدرى بكفاءة الشباب اللبناني وابتكاره وتميزه. لقد آن الأوان لكي تدق ساعة الحقيقة اللبنانية. ساعة لا وقت فيها للراحة ولا مكان فيها للأنانية.

لكل هذه الأسباب، أيها الأعزاء، كانت اللامركزية الإدارية عنوانا من عناوين خطاب القسم، ويجب أن تكون بندا أساسيا من بنود البيان الوزاري للحكومة العتيدة. وللتأكيد على الأهمية التي أوليها شخصيا لموضوع اللامركزية، طلبت من وزير الداخلية والبلديات أن يضع تصورا شاملا عن الموضوع، يصار بعده إلى عرضه على كل الجهات المعنية باللامركزية الإدارية في سبيل صياغة مشروع قانون يرفع إلى مجلس الوزراء ومن ثم إلى مجلس النواب. وقد أنجزت وزارة الداخلية عملا منهجيا ووثيقة عمل تطرح الأسئلة المحورية في اللامركزية وتقارب الموضوع منهجيا بعقل الباحث عن أفضل إدارة للتنوع ضمن الوحدة، لا بذهنية التفصيل على القياس، خصوصا أن اللامركزية الإدارية قد باتت، منذ اتفاق الطائف، عنوانا جامعا، وقد أدرجتها وثيقة الوفاق الوطني تحت عنوان الإصلاحات، بموازاة الإنماء المتوازن.

إن تطبيق الإنماء المتوازن واجب التزمنا به وسنعمل على تحقيقه، ولا سيما في الشمال الذي نحب وعاصمته طرابلس الفيحاء، بالرغم من الاوضاع السياسية المعقدة، وبالرغم من الازمة المالية العالمية التي تنعكس سلبا على مجمل أجهزة وأنظمة النقد والتسليف في العالم.

صحيح أن قطاعنا المصرفي قد بقي بمنأى عن هذه الأزمة وهذا جدير بالتقدير والتنويه، لكن يبقى علينا تحصين الوطن اقتصاديا واجتماعيا، لأن ذلك يشكل أفضل ضمانة ومناعة للبنان وصمود شعبه.

لقد أشارت التقارير الرسمية الدولية الى أن الاقتصاد اللبناني يستطيع النمو بوتيرة أكبر وأسرع من التوقعات السابقة هذا العام، وان استمرار تدفق ودائع المغتربين وجذب الاستثمارات بإمكانهما إذا ما وجدت البيئة المؤاتية خلق فرص عمل جديدة وتحقيق النمو المرجو والإنماء المتوازن في كل أرجاء الوطن. واللامركزية في أجواء من الأمن والاستقرار لها الدور الاساسي في بلوغ هذه الأهداف. والقوى المسلحة اللبنانية المسؤولة مدعوة لضرب المتلاعبين بأمن طرابلس وابناء الشمال وكل لبنان وردع أي مخل بالأمن بما يخدم مصلحة المواطنين وهناء عيشهم.

وإنني آمل أن ننكب على مقاربة اللامركزية فور إنجاز الانتخابات البلدية القادمة، فندخل مرحلة جديدة في عملية بناء الدولة.

نريد لامركزية إدارية حقيقية تعطي المجالس المحلية الاستقلالية المالية والإدارية بكل ما للكلمة من معنى.
نريد لامركزية فاعلة وفعالة، تضخ نشاطا في المناطق وتؤمن المشاركة المحلية من بابها الواسع.
نريد لامركزية لا تلغي دور الدولة المركزية وإنما لا تلغي أيضا حق المحليين بإدارة شؤونهم الحياتية اليومية، وهم الأدرى بها.
نريد لامركزية ترفع منسوب الديموقراطية والتمرس عليها.
نريد لامركزية تخلق فرص عمل ومشاريع إنمائية.
نريد لامركزية تدعمها السلطة المركزية حين تدعو الحاجة وتكون هي أيضا رافعة لها حيث يلزم.

بهذه الشراكة، نرفع مستوى الأداء المؤسساتي. وبهذه الشراكة نعطي اللبنانيين واللبنانيات الأمل بغد أفضل.

ولهذه الغاية، أدعو مؤتمركم، وهو على جانب من الأهمية والجدية وحسن التنظيم، إلى التفكير مليا في التقسيم الإداري الذي يجب أن يعتمد في أي مشروع للامركزية الإدارية وفي مجالس الأقضية المنصوص عنها في وثيقة الوفاق الوطني وكيفية انتخاب أعضائها ومدى صلاحياتها وعلاقتها بالسلطة المركزية، وتحديد مواردها المالية وأنظمة موظفيها، مع التأكيد على أهمية التمويل والموارد في إنجاح أية تجربة لامركزية.

وأكرر دعوة جميع الاحزاب اللبنانية ومنظمات المجتمع المدني المعنية إلى تقديم اقتراحات عملية وعلمية، لكي يأتي المشروع المنتظر، كاملا، تشاركيا، وطنيا. ولعل أعمال مؤتمركم تضيف إلى هذا الملف تجارب عابرة للحدود ممن أحسنوا إدارة مثل هذه الملفات.

لقد أثبتت الانتخابات البلدية منذ العام 1998 جدواها على مستوى تجديد النخب وإرساء الديموقراطية والمحاسبة وتطوير المناطق والحلول محل تقصير الدولة الناتج عن عجز أو إهمال. إن المجالس المحلية هي الأقرب إلى هموم الناس. ولأننا على أبواب انتخابات بلدية، فإننا نأمل أن ترسخ الإصلاحات التي اعتمدت في الانتخابات الماضية بل ويضاف عليها إصلاحات أخرى، كانتخاب رئيس البلدية بالاقتراع المباشر، ربما أو اعتماد النسبية بشكل أو بآخر. كل هذه الإصلاحات وغيرها، تحتاج إلى إصلاحيين يسهرون ليل نهار على مصلحة المواطن الذي تسكن هواجسه هواجسهم. من هنا ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية. حكومة لا حصص فيها إلا للمصلحة العامة ولخير المواطنين.

ايها السادة الكرام،
بالأمس تبنى مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان تقرير غولدستون الذي اتهم اسرائيل بارتكابات ترقى الى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية خلال الهجوم على قطاع غزة. كما ندد بشدة بإجراءاتها وسياستها في القدس الشرقية.
ان انتخابنا قبل الأمس للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن من قبل الدول الأعضاء في الامم المتحدة، بهذه النسبة المرتفعة من الاصوات – تقارب الإجماع – لدليل ساطع ومشرف على مدى الثقة التي ما زال يمنحها العالم للبنان الدولة والوطن. ذلك، بالرغم مما عانيناه من محن وما نواجهه من صعوبات وتحديات … فلنكن على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، ونقبل التحدي لنبرهن للعالم أننا جاهزون للمشاركة في معالجة المشاكل الكبرى المطروحة على أعلى هيئة مسؤولة عن الأمن والسلام العالميين. أو ليس اثبات قدرتنا على إدارة شؤوننا بأنفسنا بحكمة وترفع وذكاء هو أقل ما يمكن فعله لتعزيز مسيرة حضورنا الدولي واستعادة الثقة بوطننا العزيز؟

في الختام،
ان الحرمان الذي تعانيه منطقة الشمال دفعنا في مجلس الوزراء إلى إقرار مشاريع إنمائية عديدة لهذه المنطقة أبرزها: المنطقة الاقتصادية، مرفأ طرابلس، مشاريع البنى التحتية، وقطاعات الطرق و المياه والكهرباء والصرف الصحي والقطاع الصحي وغيرها….
كما جعلنا اليوم نلبي الدعوة لحضور هذا المؤتمر المميز للاعراب عن دعمنا لجهود المنظمين وشكرنا للمشاركين فيه. واستعدادنا لدعم اي جهد يضاف لتحقيق الاصلاحات التي نصت عليها وثيقة الطائف ورفع التحديات المتعددة التي ما زالت تواجهنا. “.

الجمالي
وكان رئيس اتحاد بلديات الفيحاء ألقى كلمة أعرب في مستهلها عن “اعتزاز طرابلس، بكل مؤسساتها وابنائها، بمبادرة فخامته ورعايته لمؤتمرنا بما هي موقف يعكس رؤاه وقناعاته الراقية، كما يجسد التزامه بدعم تطوير اللامركزية في وطننا، وهو التزام عبر عنه فخامة الرئيس في العديد من المناسبات العامة والوطنية فتركت مواقف فخامته اوسع الارتياح والرضى على مساحة الوطن كله”.

ووصف الجمالي المؤتمر بأنه “حدث كبير في إطار مسيرتنا الوطنية في كنف عهد ضيف طرابلس الكبير فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، الذي يرعى كل مبادرات التقدم في وطننا، وهو حدث يعتز اتحاد بلديات الفيحاء وبلديات المدينة باستضافته”، منوها ب”المشاركة الفاعلة للجنة رؤساء البلديات اللبنانية ومقاطعة برشلونة ومنظمة المدن والحكومات المحلية ولجنة اللامركزية في اطارها والمكتب التقني للبلديات اللبنانية في الاعداد لهذا المؤتمر وتنظيمه”. وشكر “لشركائنا وضيوفنا القادمين عبر البحار دعمهم واهتمامهم، مرحبا بهم في الفيحاء طرابلس المدينة الرحبة المضيافة المنفتحة على آفاق التقدم، المتجذرة في تراثنا العربي، مدينة التنوع الثقافي والعيش الاخوي المشترك، مدينة حرية الفكر والمعتقد واحترام الحق في الاختلاف”.

وقال: “اذا كانت اللامركزية – مفهوما وممارسة – هي نقل صلاحيات وسلطات ومسؤوليات ومصادر التمويل اللازم من السلطة المركزية الى سلطات محلية منتخبة من مجتمعاتها بهدف تحسين نوعية الحياة في التجمعات الحضرية وتفعيل طاقاتها عبر المشاركة، فإن التجارب الانسانية على مدى العالم، قد أظهرت تلازما كاملا بين فعالية اللامركزية وبين ازدهار المجتمعات ونموها وتقدمها، وأفضت الخبرات العالمية على تنوعها الى حقيقة ثابتة مفادها ان تنامي صلاحيات السلطات المحلية وتمويلها يفضي الى نهوض وانماء سريع في نطاقها.
وعالمنا العربي الذي يعيش صعوبات كبرى على صعد تهدد الامن الاقتصادي والاجتماعي للانسان العربي، ويأتي في طليعتها الفقر والبطالة والامية وتهميش المرأة، بالاضافة الى الضغوط السكانية والتصحر والتلوث البيئي، هذا العالم العربي يعاني في الوقت عينه من ضعف اداء اللامركزية في العديد من أقطاره، ويرتبط تفاهم مشكلات التنمية الانسانية العربية ارتباطا مباشرا بتقلص حجم المشاركة عبر اللامركزية في هذه الاقطار، حيث تنوء السلطات المركزية تحت عبء مواجهة التحديات التي تعيشها مجتمعاتها، في ظل غياب شبه كامل لدور بناء ومؤثر لمواطنيها.

وأضاف: “أما على المستوى اللبناني، ونحن نتوجه في المدى القريب الى تعديل مرتقب لقانون البلديات، وفي المدى الأبعد الى إقرار قانون اللامركزية، أتوقف أمام قضايا ثلاث:
أولها: إن قانون البلديات اللبناني الصادر في العام 1977 يحمل في ثناياه الكثير من الايجابيات، الا ان القرارات المتتابعة الصادرة عن مراجع مختلفة في السلطة المركزية منذ ذلك التاريخ، قد أثقلت كاهل هذا القانون، وعطلت الكثير من إبجابياته وفرضت العديد من مراحل الرقابة على العمل البلدي، بالاضافة الى اقتطاع أجزاء واسعة من حقوق البلديات المالية وتحويلها في اتجاهات اخرى.

أما القضية الثانية فتتمثل في ضعف مستوى التواصل والحوار بين السلطة المركزية والهيئات البلدية المنتخبة، في ما يعود لشؤون اللامركزية في وطننا وشجونها، منوها بتوفر اطار تنظيمي للبلديات اللبنانية يتمثل بلجنة رؤساء البلديات، وهي لجنة تحمل هموم مؤسساتنا البلدية وطموحاتها ورؤاها.

أما القضية الثالثة، فهي معضلة التعاون اللامركزي حيث تتوفر لدى المؤسسات الدولية، والاتحاد الاوروبي والعديد من المؤسسات اللامركزية الاوروبية والصديقة، إمكانات كبيرة، ورغبة صادقة في دعم مؤسساتنا البلدية اللبنانية، ويحول دون الافادة من الفرص المتاحة نصوص واجراءات وعوائق معقدة ومتداخلة يقع معظمها خارج اطار قانون البلديات”.

وقال: “البلديات واتحاداتها هي الشكل الامثل اليوم لللامركزية في وطننا، لكن دورها في نهوض مجتمعاتها وانمائها ما برح دون مستوى قدراتها وامكاناتها، ولا يستجيب للحاجات القائمة في مدنها وبلداتها، الامر الي أفضى الى تفاوت انمائي كبير بين المدن والمناطق على المستوى الوطني، وطرابلس التي تعاني من تردي اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية مقارنة بالمدن اللبنانية كافة، هي نموذج محزن للتفاوت الانمائي الذي يمكن للامركزية القوية والفاعلة ان تساهم في معالجته”.

وختم بتوجيه تحية حارة الى رئيس الجمهورية، محييا دوره واداءه، ومؤكدا “اعتزاز البلديات اللبنانية ومجتمع لبنان كله بمبادراته المتقدمة على كل الصعد”، وبمواقفه الداعمة لتطوير اللامركزية في لبنان، ورحب به “في الفيحاء التي تفخر بزيارته لها ورعايته للمؤتمر الذي يستضيف”. كما رحب ب”القادمين عبر المسافات المشتركة في اضاءة جوانب مختلفة في اطار المواضيع المطروحة في هذا المؤتمر الهام”.

العريس
ثم ألقى رئيس بلدية بيروت، كلمة قال فيها: “ما كان العمل البلدي يوما إلا فعل تواصل يومي بين السكان والسلطات المحلية، تأمينا لاحتياجات يومية ملحة وسعيا لمستوى من العيش اللائق والكريم في مدن وقرى تتطلع الى تجاوب مأمول حيال من منحوا ثقة ناخبيهم. وقد تطور العمل البلدي بحيث غدا مرادفا لخطط تنموية تطال عددا من ميادين الحياة اليومية في ما بات يعرف اليوم بسياسة التنمية المستدامة”.

وتوجه إلى رئيس الجمهورية بالقول: “في خطاب القسم، أشرتم يا فخامة الرئيس إلى عزمكم على تطبيق اللامركزية الادارية كما وردت في اتفاق الطائف سنة 1989، وتكرمتم بتكليف وزير الداخلية والبلديات العمل على انجاز مشروع القانون، مقدمة لوضعه موضع التنفيذ، كونكم تدركون دور البلديات واتحاداتها في اعطاء اللامركزية بعدها الحقيقي.
وما حضوركم الكريم معنا اليوم، في مؤتمرنا الدولي حول “اللامركزية في الشرق الاوسط”، سوى الدليل على اصراراكم على المضي قدما في هذا المجال، مسلمين بالدور الريادي الذي تلعبه البلديات واتحاداتها في مسار الحياة اليومية للمواطنين، بحيث تتاح للبلديات فرصة ابداء رأيها مع السلطات الرسمية، وفي طليعتها الحكومة اللبنانية ومجلس النواب عبر مداولات لجنة الادارة والعدل”.

وتابع: “إن رأي البلديات في هذا المضمار، نابع من الخبرة والممارسة اليومية التي اكتسبتها منذ العام 1989، تاريخ اجراء اول انتخابات بعد انتهاء الاحداث المؤلمة، لاسيما وأن تعاطيها المباشر مع المؤسسات الرسمية ومختلف الهيئات، محلية كانت أم اقليمية او دولية، سمح لها بتكوين فكرة واضحة عن النفع العميم في حال توصلنا الى اعتماد قانون اللامركزية الادارية”.

أضاف: “كما لا تفوتني الاشارة الى ان التوجهات الحديثة لهيئة الامم المتحدة ولمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، توصي كلها بوجوب تشجيع لا بل تطبيق اللامركزية الادارية الموسعة بحيث يتحمل اعضاء المجلس البلدي مسؤولياتهم في مسار بلدي يحظون بنهايته إما بثقة متجددة من ناخبيهم او بنزع الثقة الممنوحة لهم يوم الانتخاب”.

واقترح تنظيم ورشة تولي الشأن البلدي كل اهتمام “ليرتفع الاداء البلدي الى مصاف البلديات القادرة على ادارة حاجات المواطن وتلبيتها، لتتمكن من تحقيق الاهداف الانمائية للألفية الثالثة التي اقرتها الامم المتحدة والتي هي بحق همنا اليومي”.

واعتبر ان برنامج دعم البلديات اللبنانية “هو الترجمة العملية لما يمكن ان تكون عليه المؤسسة البلدية القادرة، وهذا البرنامج يتطلع الى دعم من فخامتكم بحيث يتيح للمانحين دراسته والمشاركة فيه وتمويله بالشراكة معنا، وهذا ما سنبحثه في الطاولة المستديرة الاخيرة في مؤتمرنا هذا مع وزير الداخلية والبلديات ومع الشركاء العرب والاوروبيين ومع المؤسسات المانحة”.

وختم بالقول: “نحن في لجنة رؤساء البلديات اللبناني الممثلة لحوالى ثلاثماية مدينة وبلدة وقرية منتسبة الى منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، ومتعاونة مع المكتب التقني للبلديات اللبنانية، الذي هيأنا لهذا المؤتمر وحضرنا له مع اتحاد بلديات الفيحاء، وبدعم كبير من مقاطعة برشلونة ولجنة اللامركزية والحكم الذاتي المحلي لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، نتعهد بأننا لن نوفر الجهد ولا الوقت ولا المال في سبيل اعلاء المؤسسة البلدية في لبنان لتكون الرافد والمواكب والسند لجهودكم (رئيس الجمهورية) ولجهود الدولة اللبنانية في التنمية المحلية والانماء المتوازن والمستدام في وطننا لبنان”.

غاتو
وألقت الأمينة العامة لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة في اسبانيا اليزابيت غاتو، كلمة باسم نائب رئيس مقاطعة مدينة برشلونة جوردي لابوريا، لفتت في مستهلها إلى “ان البلديات اللبنانية قد اكتسبت خبرات كثيرة خلال الاعوام الاخيرة في تنمية مناطقها وادارة الشؤون العامة المحلية، وهي الان مستعدة للمشاركة في حوار وطني حول اللامركزية. وقد اصبح هذا الحوار ملموسا من خلال برنامج دعم البلديات اللبنانية الذي تم تسليمه الى فخامتكم في 27 تموز 2009 من قبل لجنة رؤساء البلديات اللبنانية”.

وقالت: “نحن ندرك تماماان السنوات الاخيرة كانت قاسية على لبنان، وخاصة على السلطات المحلية، الضعيفة المبعثرة والغائبة عن الساحة اللبنانية والدولية لوقت طويل. كان عليها العمل جاهدة للوقوف مجددا واثبات نفسها كمحاور اساسي. اليوم: مؤسسات مسؤولة، مصممة ومتحدة في البحث عن استقلاليتها”.

أضافت: “اتجرأ على القول ان منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة كان لها دور اساسي في هذه المسيرة. فنحن اوفياء لمهمتنا ومصرون على مواكبة تطور السلطات المحلية في الشرق الاوسط، لتصبح مؤسسات ديموقراطية متينة وراسخة، تعكس تنوع سكانها وتلبي حاجاتهم وتساهم في انفتاحهم. بالفعل، نحن واثقون ان اعطاء المزيد من الاستقلالية والحرية للسلطات المحلية يسمح لها بالتواجد بشكل اقرب من المواطنين ومن العدالة والمساواة والاحلام”.

وتابعت: “لطالما كنا مهتمين بهذه المنطقة، دائمةالاضطرابات، بسبب الرهانات السياسية والثقافية الحيوية. لذلك اردنا ان يكون لنا مكتب تمثيلى في الشرق الاوسط من خلال مكتب منظمةالمدن والحكومات المحلية المتحدة/ المكتب التقني للبلديات اللبنانية”.

وأشارت إلى ان هدف المكتب منذ انشائة “هو تعزيز دور البلديات في سوريا والأردن ولبنان، ولكنه لعب أيضا دور الوسيط بين السلطات المحلية في هذه البلدان وبلديات العالم أجمع. هكذا استطعنا ان نتعرف على عدد كبير من رؤساء البلديات اللبنانية في الاجتماعات التي ننظمها في كل انحاء العالم”. كذلك أشارت إلى أن المكتب “لعب دور الناطق باسم السلطات المحلية في المنطقة، تحديدا البلديات اللبنانية، امام المنظمات الدولية ومكاتب التعاون الاجنبية الموجودة في لبنان، والمؤسسات الحكومية اللبنانية، والتي استطاع ان يخلق معها علاقات وثيقة وثابتة. كما لعب دورا فعالا في التأسيس لعلاقات صداقة وتعاون متينة بين البلديات اللبنانية والبلديات العربية والاوروبية، بهدف تبادل الخبرات ومناقشة الصعوبات والنجاحات”.

وقالت: “إن لقاءنا اليوم، هو احدى ثمار هذا العمل الشاق والدقيق، فمكتب منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة/ المكتب التقني للبلديات اللبنانية، هو احد منظمي هذا الحدث، بالتعاون مع مضيفنا: اتحاد بلديات الفيحاء، الذي نشكره على دعوته لنا، وبالتعاون ايضا مع مقاطعة برشلونة ولجنة اللامركزية والحكم الذاتي المحلي”.

وختمت بالقول: “إن تعاون جميع هؤلاء الشركاء المهمين جدا، في المؤتمر الدولي: “اللامركزية في الشرق الاوسط”، يسمح بتتويج مسيرة مثالية تجمع ارادة السلطات المحلية اللبنانية ودعم السلطات المحلية العالمية. فهي موجودة جميعها معنا هنا اليوم، للمشاركة بخبراتها ومعلوماتها الثمينية مع تيار ينظم ويتكلم بصوت واحد”.

وفي الختام، تسلم الرئيس سليمان درع المؤتمر من المسؤولين عنه.

وبعد انتهاء الاحتفال، غادر الرئيس سليمان مودعا بالمراسم نفسها التي استقبل بها.
وتجدر الاشارة الى ان مداخل طرابلس وطرقاتها الداخلية ازدانت بالاعلام اللبنانية وبصور رئيس الجمهوية ورفعت اللافتات المرحبة بقدومه الى عاصمة الشمال والمشيدة بمواقفه الوطنية.

كما استوقف موكب رئيس الجمهورية في اكثر من محطة لا سيما في طرابلس من قبل جمهور المواطنين الذين احتفلوا بقدومه عبر حفلات السيف والترس والاناشيد والاهازيج.

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *