الرئيسية » أخبار محلية » القدس في العقل والقلب
بعدما احتل الصهاينة جزءاً من المدينة المقدسة، وأعلنوه عاصمة لكيانهم، عملوا بكل حقدهم ومكرهم على تفريغ المدينة من سكانها الأصليين ترهيباً وقسراً، وأعملوا كل آلتهم العسكرية في حفر السراديب والأنفاق تحت مسجد الأقصى

القدس في العقل والقلب

 

                بعدما احتل الصهاينة جزءاً من المدينة المقدسة، وأعلنوه عاصمة لكيانهم، عملوا بكل حقدهم ومكرهم على تفريغ المدينة من سكانها الأصليين ترهيباً وقسراً، وأعملوا كل آلتهم العسكرية في حفر السراديب والأنفاق تحت مسجد الأقصى وحوله، وأقاموا نواديهم الليلية حول المقدسات الاسلامية والمسيحية، واحرقوا المسجد الأقصى، ومنعوا المصلين من دخوله، واطلقوا الرصاص على من كانوا بداخله مرتكبين بذلك أبشع المجازر الانسانية على الاطلاق، وحاصروا كنيسة القيامة ومنع الطعام عن المؤمنين الذين كانوا بداخلها، ودنسوا كل شيء مقدس على مرأى ومسمع من دول العالم أجمع، دون أن يرف للغاصب جفن أو أن يتوجع للعالم قلب، بل على العكس، كان العالم، كل العالم، المعني بالمقدسات أو ذلك الذي لاتعنيه، كان يلقي باللائمة على الضحية ويجد لمجرم الأعذار، لأن المجرم برأي ذلك العالم يبني دولة، وان الضحايا برأيه كانت تعيق ذلك… ذلك العالم الديمقراطي المتطور، الذي يحمل شعارات حقوق الانسانية ويتظاهر بالنضال من أجلها، سكت بعد أن وافق ضمناً على كل المجازر الصهيونية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني منذ الكيان الصهيوني عام 1948 وحتى يومنا هذا.. سكت بعد أن وافق على قتل الأبرياء، وسكت بعد أن وافق على تقسيم فلسطين، وسكت بعد ان وافق على احتلال سيناء والضفة الغربية والجولان وسكت بعد أن وافق على اجتياح لبنان.. كانت تلك مقدمات الديمقراطية الدولية وبشائرها، التي ما لبث أصحابها وروادها أن قدموها لنا كاملة في شلالات الدم في العراق، وفي حرب تموز عام 2006، وفي حرب غزة الأخيرة، قدموها لأنهم اعتبروا أن الشعوب العربية لم تفهم عن نماذجهم الديمقراطية التي قدموها في هيروشيما وناكازاكي، وفي حربهم ضد فيتنام وفي كوريا وفي كمبوديا، وكذلك في أفغانستان…

قدموا لنا إرهابهم على أنه رمز من رموز الديمقراطية، وجرائمهم على انها معلم من معالم الحضارة الفكرية الانسانية الخلاقة..

قدموا لنا دعمهم للأنظمة البائدة المختلفة المتعفنة التي مارست عداءهم لكل حريات التحرر والتنوروالتعلم والتقدموالتطور في كل بلدان العالم قاطبة وفي بلادنا الحبيبة خاصة.

قدموا لنا آلاتهم وشركاتهم ومؤسساتهم الاعلامية التي سرقت من بلادنا كل شيء ودخلت بيوتنا دونما استئذان من أحد، لتتناول تربية الاجيال وتنشئتهم، وتوجيههم في الحياة…

قدموا لنا الهمبرغر ومطاعم المكدونالد والكنتكاكي، وعملوا على اخراج القدس وكنيسة المهد من عقولنا وقلوبنا، قدموا لنا ثقافة الانحلال الفكري والخلاقي، وعملوا على اخراج الانتماء الى الأمة والتاريخ والحضارة من ثقافتنا وادياننا وايماننا..

عملوا على افهامنا أن الدين طقوس ومراسم وطقوس، وعملوا على اخراج جوهر الايمان المتصل بقضايا الانسانية وكل نواحي الحياة البشرية من عقولنا واخلاقنا وتربيتنا واهتمامتنا.. عملوا على تحويلنا الى مستهلكين أغبياء نتقن الانكليزية ونكره العربية، ونرضى بالعلف والعليق بدل الكرامة والعنفوان والارتباط بالماضي العريق، أرادونا أن نقبل بالترويض لمصالحهم، وبالتعويض عن خسائرهم، وبالتقويض لكل حضارتنا ومعالمنا، لكنهم نسوا أن الارض لنا وان القدس لنا، وان المهد لنا، وكنيسة القيامة لنا وقبة الصخرة لنا، وان السيد المسيح لنا، وأن محمداً لنا، وان ليس لهم الا الشيطان.. لذلك تبقى الدس في العقل والقلب والوجدان، ولن يستطيع أحد زحزحتها عن هذا المكان.

الدكتور مصطفى عبد الفتاح

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *