الرئيسية » أخبار محلية » منشية طرابلس.. تنادي البلدية
حديقة تاريخية متنفس الناس للقيلولة وللأستراحة في ظلال اشجارها المعمرة

منشية طرابلس.. تنادي البلدية
حديقة تاريخية متنفس الناس للقيلولة وللأستراحة في ظلال اشجارها المعمرة

المنشية او “الماشية” بالعامية المحلية، هي إحدى معالم طرابلس الشهيرة والتي ترقى بعهدها الى زمن العثمانيين ..  من الشماليين لا بل من اللبنانيين لا يتذكر هذه المنشية الشهيرة بشجرتها العملاقة التي أطلق عليها بعض الطرابلسيين شجرة ” التنابل”الن إقتلعتها ذات شتاء منذ قرابة السنوات العشر عاصفة هوجاء فخسرها التنابل وخسرت طرابلس شجرة شاهدة على عهود خلت كان يتفيأ ظلالها الذين يرتادون المدينة من شتى انحاء بلدات وقرى الشمال في استراحة او قيلولة بعد عناء التبضع حين كانت طرابلس ولا تزل الى الآن تستقطب كل المواطنين من كل الشمال.

هذه المنشية كانت حديقة قصر قيصر نوفل الى أن منحها الوريث لبلدية طرابلس في أوائل القرن العشرين لتتحول الى حديقة عامة ومن ثم شق طريق ليفصل الحديقة عن القصر الذي لا يزال قائما الى الآن والذي بات يعرف بمركز رشيد كرامي الثقافي.

 

الحديقة معروفة  بمساحتها الكبيرة وبالاشجار المعمرة اضافة الى نافورة مياه تعمل خاصة في فصل الصيف لتلطف الاجواء الحارة، وتعتبر المتنفس الوحيد للعاطيلن عن العمل ومن شدة تولعهم بزيارة الحديقة أطلق عليهم لقب “تنابل المنشية” الذين تجدهم يجلسون على مقاعد خشبية تحت ظلال الاشار الكبيرة وخاصة عند أكبر شجرة التي تحمي بأوراقها الكبيرة أعداد كبيرة من المتنزهين وتعتبر هذه الشجرة حديثة الولادة لكنها زرعت بحجم كبير بعد أن خسر رواد الحديقة تلك الشجرة العملاقة التي سبق ذكرها آنفا.

للمنشية خمسة مداخل رئيسة تفتح أبوابها منذ ساعات الصباح وتقفل في المساء، الاول يؤدي الى الساحة، والثاني الى شارع التل، والثالث الى مقر البلدية، والرابع الى شارع عزمي والخامس تجد نفسك امام مقهى “نغرسكو”.

  يقصد “المنشية” سواح عرب واجانب نظرا لموقعها الاستراتيجي والمكان الوحيد الذي يجد فيه الضيف راحة طبيعية رغم الضجيج الذي يلف المكان من أصوات اصحاب السيارات والباعة المتجولة.
أنشئت “المنشية” بداية القرن العشرين وتشكل جزءاً مهما من تاريخ الطرابلسيين حيث كانت شاهد على التحركات الشعبية ضد الاستعمار والاحتلال والمطالبة بالاستقلال ابان الاحتلال الفرنسي.

عقود مرت على حديقة “المنشية” وما تزال تحافظ على صورتها وخصوصيتها التي بنيت على اساسه حيث لم تعمل بلدية طرابلس على القيام بأية مشاريع تنسجم مع الالفية الثالثة، فبعد عناء طويل ومطالبات ملحة من فعاليات المدينة وضعت البلدية حمامين واحد مخصص للاناث وآخر للذكور تفتح أبوابهما مع فتح ابواب الحديقة وتقفل معهما. أما ليلا فتجد عددا كبيرا من رواد المنطقة يختارون التقيؤ والتبول امام مداخل الحديقة الخمسة، وصباحا تنبعث الروائح الكريهة في المكان ما تجد اعداد كبيرة من الزائرين خاصة السواح يتذمرون عند دخولهم الى الحديقة من شدة الروائح الكريهة المنبعثة من زوايا الحديقة صباحا مما يقتضي اهتماما اكثر فاعلية واكثر مراقبة باعتبارها واجهة المدينة وصورة نموذجية عنها.

وتعتبر الحديقة مقصدا لابناء المناطق المجاورة للمدينة خاصة القادمين من مناطق بعيدة للتبضع حيث يعتبرونها مكانا للراحة فيجلسون على المقاعد الخشبية والى جانبهم الازهار لكن راحتهم يعكرها صبية من “النوَر” الذين يطلبون بالحاح من الرواد مسح احذيتهم او بيعهم ما يحملونه، هذا المشهد أثار حفيظة عمال البلدية وراح احمد عبيد المكلف شخصيا بالصراخ والتهويل متوعدا هؤلاء بقرار يمنعهم من الدخول ليس الى المنشية وحسب بل الى طرابلس كلها.

 أيضا هي مقصد من يتفيأ ويقرأ جريدة أو قصة، وبائع قهوة يتجول بينهم وكأنه يدعوهم الى شرب فنجان قهوة، وبائعو الكعك الطرابلسي يبيعون من جذبته الروائح الطيبة..  

 

والى جانب آخر تجد الحارس يحمل في يده عصا خشبية يلوح بها يمينا وشمالا يحاول ابعاد المتطفلين وخاصة الاطفال عن الازهار لمنعهم من قطفها. وفي زاوية أخرى تجد عائلة اختارت ان تلتقط صورها العائلية بين ربوع الحديقة او قرب نافورة المياه المهملة منذ زمن بعيد والتي خلت من الاسماك التي كانت تملأها وصارت مياهها آسنة.

واقع “المنشية اليوم” يتبدل شيئا فشيئا حيث تغيرت ملامحها بعد التعديلات التي أجرتها البلدية من تغيير نوع المقاعد او لجهة نوع الاشجار والأرصفة وزحمة سير خانقة تحيط بالحديقة من جوانبها الخمسة الى حد الشعور بالاختناق من مواقف السيارات العشوائية التي تمنع المارة حرية المشي والتنقل بالسهولة اللازمة.

رغم كل المتغيرات التي طرأت على “المنشية” الا أنها ما زالت تحتفظ  بخصوصيتها النادرة وهي انها لا تزال مرتعا للكبار والصغار والشيوخ والنساء وتجد عددا من الموظفين والعمال يفضلون اختصار مشوارهم بعبور الحديقة.. أيضا يقصدها من أنهكته هموم الحياة وخاصة من قصد الدوائر الرسمية لتخليص معاملة ما..

تحقيق  دموع الاسمر

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *