الرئيسية » أخبار محلية » ميقاتي: دفع وطننا الكثير ثمن الرهانات الخاطئة
الرئيس نجيب ميقاتي

ميقاتي: دفع وطننا الكثير ثمن الرهانات الخاطئة

الرئيس نجيب ميقاتي

ألقى الرئيس نجيب ميقاتي كلمة خلال الإحتفال بتأهيل الرصيف 16 في مرفأ بيروت، هذا نصها: نجتمع اليوم في حرم مرفأ بيروت لنحتفل معاً بإنتهاء مرحلة جديدة من أعمال تطويره وتحديثه، إنطلاقاً من دور لبنان التاريخي في مجال النقل والملاحة البحرية. كيف لا ، ومرفأ بيروت شكل على الدوام ولا يزال دعامة أساسية للإقتصاد الوطني، وبوابة لبنان نحو العالمين العربي والعالم. وتتكامل الخطط الموضوعة لتطويره مع رؤية ثابتة للإفادة من الخبرات البشرية التي شكلت على الدوام الرافعة الأساسية لنمو المرفأ وتحديثه.

إن خطة تطوير قطاع النقل البحري، التي نوليها في الحكومة كل إهتمام، ترتكز بالدرجة الأولى على تحديث المرافىء اللبنانية. قبل أسبوع تقريباً كنا في طرابلس، ندشن معاً مرحلة جديدة من أعمال توسعة المرفا وتعميق أحواضه ، واليوم نحن هنا في مرفا بيروت نشهد على مرحلة جديدة من توسعة محطة الحاويات. ولا بد هنا من أن أثمر جهود معالي وزير الأشغال العامة والنقل ، وكذلك رئيس وأعضاء إدارة إستثمار مرفا بيروت. ونحمد الله ، أنه على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، فإن الحركة في مرفأ بيروت تشهد نمواً جيداً نأمل أن يتزايد ويتوسع، وأن ينسحب على كل القطاعات الإنتاجية والخدماتية في لبنان .
إن إفتتاح هذا المشروع الحيوي اليوم ما هو إلا دليل على أن التعاون والتفاعل الإيجابي يؤدي إلى النتائج الإيجابية التي نحصدها اليوم، وهو أيضاً دليل على أن الإستقرار في لبنان، الذي أرساه النهج الذي إعتمدناه منذ تحملنا المسؤولية الحكومية، ما زال فاعلاً، وهو يحتاج كي يستمر ويتعزز إلى تلاقي الإرادات المؤمنة بأن الوحدة الوطنية هي الأساس والضمانة لبقاء لبنان آمناً ومستقراً وقادراً على مواجهة التحديات.
والإستقرارالذي ننشده، أيها الاخوة، ليس فقط إستقرارا أمنياً فقط ، بل هو أيضاً إستقرار سياسي وإقتصادي وإجتماعي، ما يعني أن هذه المسؤولية ليست فقط حكراً على من هم في موقع المسؤولية، بل كذلك من هم خارجها أيضاً، فالإستقرار السياسي يحتاج إلى توازن المؤسسسات الدستورية وتعاونها من جهة، وإلى إحترام دورها وصلاحياتها من جهة ثانية، لأن في ذلك إحتراماً للدستور الذي هو أساس القوانين، لأنه متى أصبح الدستور وجهة نظر، فسلام على الدولة ومؤسساتها. كذلك فإن الإستقرار الإقتصادي ينتج عن توازن في عمل القطاعات الإنتاجية من جهة، وإحترام ركائز النظام الإقتصادي الحر حيث للمبادرة الفردية الموقع الريادي ضمن ضوابط لا تكبلها بل توفر لها المناخات المناسبة لتنمو وتزدهر. أما الإستقرار الإجتماعي فهو نتاج الإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي، لأنه يوفر الظروف الملائمة والقدرات الفعلية للإهتمام بالرعاية الصحية والتربوية والحياتية. من هنا فإن هذا التلازم هو الذي يحقق التوازن المطلوب ويمكن الدولة من النهوض والتقدم.
إننا نعتبر، أيها الإخوة ،أن الحكم مسؤولية، ومسؤوليتنا جميعاً أن نغلب المصلحة الوطنية على كلّ ما عداها من حساباتٍ شخصية أو حزبية أو طائفية. وكلّ مسؤول، في أيّ موقعٍ كان، وأياً تكن درجة مسؤوليته، معنيّ بإحترام المؤسسات والقيمين عليها والقرارات الصادرة عنها، ومعني بالإنتظام العام قبل أن يرفع شعارات التحدي والإنفعال التي تطيح بالإستقرار المنشود، وتدخل البلاد في نزاعات يدفع ثمنها المواطن الذي يكفيه ما عانى منه على مر السنوات وهو يتوق إلى غدٍ أفضل.
إن منطق الأمور هو أن نؤمن أولاً بمفهوم الدولة، وثانياً أن نعمل بإخلاص وأمانة على رفعتها، وثالثاً أن نعرف كيف نساهم بإيصال أفكارنا وتطلعاتنا وملاحظاتنا أيضاً لتتفاعل مع آراء الآخرين ومواقفهم ونظرتهم، ذلك أن الشراكة الوطنية الحقيقية لا تكون بالفرض أو بالرفض أو بالإثنين معاً، بل بالإقناع والإقتناع والقبول بالرأي الاخر .نعم، قد تختلف الرؤية أو تتضارب التفسيرات، لكن الأهم هو أن نلتقي جميعاً على تحصين كاسر الموج الذي يقف حائلاً أمام أيّ ضرر يصيب وطننا أو يؤذي سلامته ويعرضه للإهتزاز والضياع.
من غير المسموح لأي منّا، أن يشكّل في لحظةٍ ما، ثغرة تنفذ منها الأمواج العاتية لتضرب وطننا . ومن غير المقبول، إستطراداً، أن يعتبر بعضنا أنه يختصر في شخصه أو تياره أو حزبه ، سائر شركاء الوطن وأنه يحمل عنهم وكالة حصرية مطلقة يتصرف بها كما يشاء وحيثما يشاء . لقد قام لبنان، ولا يزال،على قواعد وأسس لا يمكن اليوم ، أو في أي زمن آخر، تبديلها أو تغييرها بإرادة أحادية، فالتوافق الوطني ليس شعاراً نتغنى به ساعة نشاء أو نجعله شرطاً عندما نكون بحاجة إليه، ثم ننكره ونحاول إسقاطه ساعة تنتفي تلك الحاجة أو نبدّل في خياراتنا والقناعات.
لقد دفع وطننا الكثير ثمن الرهانات الخاطئة، وآن الأوان لنصوب على الأهداف التي تحقق نهضة البلاد وتطورها، بدلاً من توجيه السهام إلى الجسم الوطني فنعرضه لشتى المخاطر والإرتدادات.
ما حصل في الأيام الماضية على الصعيد الحكومي لم يكن، ولن يكون ، تهرباً من مسؤولية، أو تفادياً لإتخاذ قرارات يفترض بحكومتنا أن تتخذها ، بل بالعكس ما حصل هو حماية للمؤسسات الدستورية  التي يجب أن تبقى فوق المناكفات والخلافات السياسية ، وللإفساح في المجال أمام تصحيح واقع إذا إستمر ، لا سمح الله، سيؤدي إلى مزيد من الضياع . من هنا فإن أي معالجة للوضع القائم حالياً لا بد أن تأخذ في الإعتبار إنتظام عمل المؤسسات الدستورية وتعاونها وإحترام قراراتها، ولتكن ممارستنا للديموقراطية التي نتغنى بها ، تجسيداً لشراكة وطنية حقيقية لا لبس فيها أو إستعلاء أو تهميش أو إستئثار.
لقد نجحنا، حتى الآن، في إبقاء السفينة اللبنانية التي نبحر فيها جميعاً ، بعيدة عن الأمواج العاتية، وحققنا ما حفظ توازنها، فلماذا يحاول البعض منا تعطيل محركاتها حتى يختل توازنها وتجنح حيث لا يريد اللبنانيون وأشقاؤهم والأصدقاء؟ ألم نتعلم بعد من دروس الماضي، ونتعظ من عِبره؟ وهل يريد البعض أن يكرر تجارب أليمة يرفض اللبنانيون تكرارها من جديد؟ من جهتنا، نحن مصممون على متابعة المسيرة، مهما إشتدت العواصف وحُجبت الرؤية، ذلك أننا نعتمد على بوصلة تحركها سواعد الطيبين من أبناء هذا الوطن الذي لن نجد له مثيلاً أو نرضى بغيره بديلاً، بوصلة ستقودنا حتماً إلى شاطىء الأمان!
ثقوا بأن الإرادة الوطنية الواحدة ستبقى الأقوى، تماماً كما ستبقى بيروت، البوابة التي يعبر منها الخير والتقدم والإزدهار للبنان ولكل دول المشرق والمغرب على حد سواء. والسلام عليكم.

 

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *