الرئيسية » أخبار محلية » الحداثة أوروبية.. والعرب والإسلام بعيدون عنها في البلمند
"إسلام وحداثة" عنوان المحاضرة التي نظمتها جامعة البلمند حاضر فيها المفكر صادق جلال العظم في حضور عدد من الاكاديميين وطلاب. استهلّ الدكتور صادق جلال العظم

الحداثة أوروبية.. والعرب والإسلام بعيدون عنها في البلمند

“إسلام وحداثة” عنوان المحاضرة التي نظمتها جامعة البلمند حاضر فيها المفكر صادق جلال العظم في حضور عدد من الاكاديميين وطلاب.

استهلّ الدكتور صادق جلال العظم حديثه بتعريف الحداثة بوصفها “البنية الفوقية المتطورة للرأسمالية التاريخية”، مشدّدًا على أوروبية هذا المفهوم بالأساس. فقد غزت هذه الحداثة العالم أجمع وذهبت إلى حيث وصلت إليه الرأسمالية بتوسّعها. فمثلما أصبح نمط الإنتاج الرأسمالي نمطًا عالميًا وتوسّعيًا، أصبحت الحداثة اليوم أيضًا ظاهرة عالمية. كما أشار العظم إلى أن جوهر الحداثة يكمن في الاتحاد العضوي الذي تمّ بين الثورة العلمية في القرن السابع عشر والمصالح الحيوية للرأسمال التجاري الصاعد يومها خالقًا ديناميكية جديدة.

من ناحيته، عرف الإسلام، الذي نشأ في مدينتين متواضعتين، توسّعًا عبر التاريخ وغزا العالم، فصار يُحكى عن عالمية الإسلام. أما بالنسبة إلى العالم العربي، وبعد أن عدّد القوى التي صنعت تاريخه الحديث، فقال إن العرب حتى الآن لم يعطوا شيئًا في اتجاه الحداثة وهم متأخّرون عنها. غير أن الحداثة دخلت المجتمعات العربية، ما يعني أن الدين تراجع في بعض جوانب الحياة العامة. فالحداثة، بكونها مفهومًا أوروبي النشأة والأصل، قد تخطّت حدود البقعة الجغرافية والسياسية والثقافية التي ظهرت فيها.

عن التاريخ الحديث للعالم العربي، قال العظم إن لا معنى له من دون أوروبا، متوقّفًا عند تساؤل برنارد لويس في كتابه الذي صدر في أوائل الثمانينيات، “عودة الإسلام”: “إلى أين وصل الإسلام حتى يعود؟”، ومعتبرًا أن لهذا السؤال طابع ميتافيزيقي.

ففي محاولة منه لإعطاء إجابة تاريخية، سوسيولوجية، سياسية، قال العظم إن الإسلام قد انحسر منذ إنهاء الخلافة وخاصة منذ حركة “التنظيمات” العثمانية”: انحسر الإسلام عن المحاكم والقضاء والقانون، عن الجيوش والمعسكرات (لصالح المصالح القومية التحرّرية)، عن الثقافة والإعلام، فانحصر دوره في مسائل ذات علاقة بالأحوال الشخصية، ونظام التعليم بحدود المساجد والشريعة والحوزة والأزهر. هذا يعني، بالنسبة إلى العظم أن، بعد التنظيمات، تحولاً قد طرأ على المعنى الجوهري للعلم والمعرفة. ففيما كانت علوم الفقه والشريعة تسيطر على العالم العربي والإسلامي، أخذت اليوم العلوم الطبيعية وتطبيقاتها التكنولوجية تسيطر عليه. بعبارة أوضح، انتقل العالم الإسلامي من “علم الكلام” إلى علم فعل البشر وفضاء الحداثة.

إلا أن الدكتور العظم تعجب كيف يثير العالم الإسلامي مسألة التناقض بين العلم والدين، وهو (أي العالم الإسلامي) لم ينتج منذ قرون اي معرفة علمية. وهذه مفارقة أساسية على الرغم من الحلول التأويلية والتوليفية التي اعطيت للمسألة. فبالنسبة إليه، التصادم بين العلم والدين منطقي في مجتمع ينتج العلم. لماذا إذًا ينشأ هذا التصادم في مجتمع كالمجتمع العربي حيث لا علم أصلاً أو اي إنتاج حقيقي للمعرفة.

وبالعودة إلى كتاب برنارد لويس، سأل العظم: “هل المقصود بعودة الإسلام إشارة الى الحركات الإسلامية التي تعمل على استعادة المواقع والمناطق التي فقدها الإسلام، فانحسر فيها لصالح الحداثة الأوروبية؟” أما  عن الدعوات لاسترجاع الخلافة، فأشار الى أن العالم العربي الاسلامي أمام جدلية هابطة من الإصلاح الثوري الراديكالي مع الأفغاني، والإصلاح التوفيقي التصالحي مع محمد عبده، وصولاً الى الإصلاح المضاد والسلفية مع رشيد رضا وحسن البنا وجاهلية القرن العشرين مع سيد قطب وعقيدة التكفير والتهجير مع بن لادن.

ورأى أن نقطة الضوء الوحيدة في هذا الديالكتيك الهابط تكمن في تمكّن حزب سياسي ذي خلفية إسلامية في تركيا من الوصول الى السلطة بشكل ديمقراطي من دون ان يحلّ بالدولة التركية كارثة.

وأشار إلى أنه منذ العام 2004 قدمت جماعة الأخوان المسلمين، في مصر وكذلك في سوريا، مشروعاً لإصلاح الدولة. والمفارقة تكمن في ان هذه المشاريع تخلّت عن الخطابات الإسلامية المعهودة، من ان الإسلام هو الحل و القرآن هو الدستور، لصالح خطاب يحاكي بالتفاصيل دعوات الحزب الحاكم التركي وقيمه. وتساءل: “هل هذا هو انتصار للحداثة؟”، و”لماذا اضطر “الأخوان” إلى نسف خطابهم التقليدي باتجاه ليبرالي واضح؟”، فأجاب بأن ذلك ليس حباً بالحداثة، ولكن الحداثة فرضت نفسها.

وخلص إلى أن خشبة الخلاص قد تأتي ربما من مسلمي اوروبا وأميركا، وذلك على نحو ما حصل من تجديد للشعر العربي مع حركة الشعراء المهجريين.

 

 

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *