الرئيسية » أخبار محلية » تساؤلات عن إهمال مديرية الآثار ما تختزنه
“بزيزا”.. بلدة تحتضن أسرار حضارات غابرة

تساؤلات عن إهمال مديرية الآثار ما تختزنه
“بزيزا”.. بلدة تحتضن أسرار حضارات غابرة

  1. تقع بلدة بزيزا في قضاء الكورة شمال لبنان، تصل اليها عبر طريق أميون باتجاه الجنوب، وصولا الى دار بعشتار حيث تطل عليك بزيزا الواقفة على تلتها الدهرية، فتقف مشدوها بالجسر والمطحنة القديمتين اللتان سجلتا علامة فارقة في تاريخ الاثار وفن العمارة القديمة، وسهولها الغارقة في حضن الطبيعة ونهرها العابر بسحره جارفا معه أسرار عشاق تركوا ذكرياتهم على ضفافه..

كما تصل الى بزيزا عن طريق دير بلا ـ شناطة لتصل الى مفرق المجدل فترى مشهدية أقرب الى السحر، ومن بلدة متريت شرقا، وبلدة بحبوش شمالا.. وتعلو عن سطح البحر حوالي 400 متر ومنها ينبع نهر العصفور الذي ينبع من نبع اسكندر الراوي لحوالي 15 عشر بلدة كورانية ويصب هذا النهر عند شاطئ شكا، وعدد سكان بزيزا حوالي 1500 نسمة موزعين على عائلات العويط، قصاص، الزغبي، الشالوحي، بو رعد، عبيد، جمهور، عيد، ناصيف، عيسى، سعد، فرح، مسلم، خوري، يوسف، الشعار، غطاس، مورة، العلم، سليمان، دحدح، ديب، والزين.

الهياكل الرومانية

اسم بزيزا منحوت من بيت عزيز، فالباء اختصار لفظة “بيت” اما “عزيز” فهو احد الالهة الساميين، وما تزال الهياكل الرومانية في البلدة محافظة على عمارتها ولم يغيرها مرور الزمن عليها، ويتميز الهيكل بعوامده الاربعة البالغة خمسة امتار وحجارة مستطيلة ومنقوشة بجمالية رائعة وهندسية مزخرفة كأنها فراشات واغصان أشجار، وتنتشر هنا وهناك الصخور الضخمة وهي بقايا اعمدة كانت قائمة في زمن غابر.. اضافة الى وجود باحة واسعة مساحتها 20 مترا مربعا، كانت في ما مضى مسرحا يقام عليه آداء الطقوس والعبادة..

سيدة العواميد

وما تزال أعمدة الهيكل منتصبة في وجه الزمان، واطلق عليها تسمية “سيدة العواميد” لما تحمل في واجهتها من أعمدة شامخة ويعتبر تاريخ هذا البناء مجهولا باستثناء ما كتبه الاب هنري لامنس اليسوعي في كتابه “تسريح الابصار فيما يحتوي لبنان من الآثار”، وتتميز هذه الاعمدة بالنقوش المزخرفة حيث يختال للمرء نفسه للوهلة الاولى أن هذه الاعمدة بقيت منتصبة في وجه الزمان والتاريخ…

كما تحمل بلدة بزيزا الكورانية أسرارا قديمة من العهد الروماني حيث تألقت هذه الاثار المختبئة بين أشجار الزيتون بروعة البناء والنقوش النادرة وهي تدل على العمارة الفنية الرائعة المزدانة بالجواهر المعلقة في أعلى الجسر الذي يجمع طرف الهيكل الى طرفه الاخر، فتقف مشدوهاً امام الاعمدة العنيدة وكأنك في حضرة قصر ملكي، أيضا يختلط في الهيكل الروماني عبق الوثنية وأساطيرها ومعتقداتها بعبق المسيحية وتحول الهيكل الى معبد في القرن الرابع للميلاد، وظلت سيدة العواميد للوقف الماروني الى أن قدمها المطران انطون عبد للدولة اللبنانية.

مع الاشارة الى ان هذا المعبد استقطب عددا من السواح وعلماء الاثار أهمهم أرنست رينان ولابورد الذي رسمه. وتم ترميمه من قبل لجنة الاثار الفرنسية بين عامي 1957 و1962.

اضافة الى وجود سرداب ممتد تحت الارض يربط الهيكل ببناء صغير على جدرانه رسوم دينية نادرة، ويقع الى جانب كنيسة مار الياس، لذلك هناك تساؤلات كثيرة حول عدم دفع مديرية الاثار الى اعادة النظر في تلك الامكنة والعمل على نبشها وتنقيبها لعل تحتها اثارا ما تزال مطمورة.

أيضا يوجد في خراج بلدة بزيزا نواوويس قديمة وبقايا عظام يعتقد انها كانت مدافن ملوك الهيكل وكهنته حسب ما يتناقلونه اهل البلدة بالوراثة.

النهر والطواحين

عرف اهالي الكورة نهر بزيزا حيث كانوا يلتفون حوله يسّرون لبعضهم البعض حكاياهم، اضافة الى ان ضفاف النهر تشهد حركة اصطيافة وسياحية عدا عن “السيرانات” في البساتين الغارقة في السحر والتي تحمل مختلف انواع الثمار والفواكه..

اضافة الى ذلك تلك المطاحن الاثرية التي لم يبق منها سوى مطحنة قديمة باتت اليوم عبارة عن بقايا من الحجارة، وهناك الشير على الجهة اليمنى من النهر دير قديم يحمل اسم “سيدة النهر” وعند الدخول الى تلك الكنيسة نلاحظ القباب والاقواس الطبيعية، ايضا من الاماكن الاثرية كنيسة النبي “ايليا” وعلماء الاثار رأوا في تلك الكنيسة وقنطرتها انها كانت مبنية على كنيسة دير “بيزنطي كبير” شهد انتشار المسيحية في وسط الوثنيين الذين كانوا يقيمون في تلك المنطقة.

وبزيزا ايضا رمز الانصهار الوطني حيث طوائف متعددة تعيش فيها بعلاقات روحية واجتماعية مبنية على أسس الانتماء للارض الواحدة، وقد تمكن الاهالي من توثيق عرى النسيج الروحي والاجتماعي الواحد ما بين الطوائف المارونية والارثوذكسية والشيعية. فلم تشهد هذه البلدة تهجيراً طوال المحنة التي مرت على البلاد.

وقد تأسست الكنيسة المارونية الى جانب الكنيسة الارثوذكسية والى جانبهما المسجد والحسينية.

نجحت البلدية في تنفيذ سلسلة مشاريع انمائية من تزفيت الطرقات وجدران الدعم وشبكة انارة وشبكة مياه جديدة للشرب.

كما اهتمت البلدية بترميم القلعة ومحيطها عدا عن الاهتمام بالمعبد الروماني فجرى اضافة سور حديدي ضخم، وانارة القلعة، وغرس أشجار حول ساحة المعبد مع تثبيت مقاعد خشبية حيث أصبحت القلعة من أهم المعالم الحضارية والسياحية ومقصداً لمتنزهين.

والمعروف أن بلدة بزيزا تضم عدة اماكن للعبادة فالى جانب كنيسة القديسين قوزما ودميانوس شفيعا البلدة توجد كنيستين لمار الياس التي كانت في الاساس ديرا بيزنطيا واخرى لطائفة الروم الارثوذكس اضافة الى كنيسة مار مارون في خان بزيزا.

وفي بزيزا معصرة زيت وخمس مطاحن ومدرسة رسمية تكميلية، وجمعيات دينية، وناد للشباب، ونادي القلعة. ومن بزيزا من حاز على شهادات عليا وتبوأ مسؤوليات رفيعة في الدولة.

دموع الاسمر

 

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *