الرئيسية » أخبار محلية » كتاب جورج عبيد قراءة في فكر المطران جورج خضر
نظمت "مؤسسة الصفدي" ندوة متعمقة حول كتاب "قراءة في فكر المطران جورج خضر" للكتاب جورج عبيد في "مركز الصفدي الثقافي" وبحضور المطران خضر، المطران جورج أبو جودة، ممثل الرئيس نجيب ميقاتي السيد مقبل ملك، ممثلة وزير الاقتصاد والتجارة

كتاب جورج عبيد قراءة في فكر المطران جورج خضر

نظمت “مؤسسة الصفدي” ندوة متعمقة حول كتاب “قراءة في فكر المطران جورج خضر” للكتاب جورج عبيد في “مركز الصفدي الثقافي” وبحضور المطران خضر، المطران جورج أبو جودة، ممثل الرئيس نجيب ميقاتي السيد مقبل ملك، ممثلة وزير الاقتصاد والتجارة السيدة منى الصفدي، لفيف من رجال الدين ومهتمين. وقد شارك في المداخلات كل من د. زهيدة درويش جبور، د. دياب يونس والأستاذ سمير عطاالله الذي تغيب بداعي السفر المفاجئ وقد ألقى كلمته مدير مدرسة مار الياس في طرابلس المربي شفيق حيدر. والكتاب الذي مهّد له الرئيس حسين الحسيني، يمتاز بالشمولية والتحليل المسهب لفكر المطران جورج خضر… والقراءة التي ظهرت في الكتاب تشعّبت إلى عناوين تناولها المطران خضر في كتابه “لو حكيت مسرى الطفولة”، وقارنها الكاتب جورج عبيد بدراسات وعظات ومحاضرات للمطران خضر في مناسبات عديدة، ومن ثم قارنها بدراسات وكتب ومقالات، لكتّاب لبنانيين وعرب وأوروبيين.

بدايةً، رحّب باسم “مؤسسة الصفدي” مدير الندوة الدكتور مصطفى الحلوة وقال: “إذ ننتدي حول كتاب الباحث جورج عبيد “قراءة في فكر المطران جورج خضر”، فإنه يحقُّ لطرابلس أن تحتفي بأحد كبار أبنائها، عاملاً على تعميد الفيحاء كرَّةً أخرى، مدينةً للعلم والعلماء، بعدما أوشكت ان تصبح هذه التسمية نسياً منسياً! أجل! يحقُ لطرابلس أن تحتفي بمطران مسلميها ومسحييها. فطرابُلُسُ مسقطُهُ، احتضنتهُ جوّالاً في أزقتها، عائشاً مع شعبها، منسجماً بعاداتها، متآلفاً مع أحيائها، ومنتمياً إلى أرثوذكسية شعّت في أحيائها وذائقاً روح أسلامها. فهذه الطرابلس هي عندهُ البداءةُ، وهي قمة الحنين في أعماقه”. وقال: “إن جورج عبيد، إذْ يقتحم عالم المطران جورج خضر، فإنما يغوصُ في لُجج بحر عباب، يصعبُ على المبحرين الهواة أن يتصيّدوا دُررهُ الغائرة في الأعماق. فهل كان جورج عبيد مدركاً ما ينتظرهُ في هذه الرحلة السندبادية من مشاقَ فيُعَدّ لها العُدّة اللازمة ليُحاصِرَ الفكر الخضري الذي ينداحُ على مساحاتٍ بلا ضفاف، ما يجعل القبض عليه صعب المنال؟! … ولعل دولة الرئيس حسين الحسيني، الذي قدّم للكتاب موضوع ندوتنا، أصاب كبد الحقيقة إذ رأى أنّ أبرز ما في قراءة جورج عبيد لفكر المطران خضر أن كتاب “لو حكيتُ مسرى الطفولة” ليس سجل أحداثٍ، بل هو من السِيَر التأملية الاستشرافية”. وعن الكاتب قال د. حلوة: “إن جورج عبيد جهد، عَبْرَ بحثِهِ، في الإضاءةِ على فكر المطران خضر، فكانت الى مُقدّمة الرئيس الحسيني ومُقدّمة الكاتب والخاتمة، خمسةُ فصولٍ اندرجت تحت العناوين الآتية: موقع الكتابة في السيرة الذاتية والسيرة التأملية، المحور الرومنسي والوجداني، المحور السياسي والوطني والقومي، المحور الحضاري والثقافي والمحور الروحي واللاهوتي”. وختم: “إن المطران خضر، ذهبَ بعيداً في مسار الانفتاح، وذلك بإنتهاجه العلمانية دعوةً سياسية وحضارية واجتماعبة متأقلمة مع نظم ديموقراطية ترجو في خباياها مشاركة الإنسان بحقوقِهِ وواجباتهِ، بحرياته الكاملة المعبرّة عن أصالة التراث والوجود”.

د. زهيدة درويش جبور: تركيز في الكتاب على الرأي السياسي والحضاري للمطران خضر

ثم تحدثت د. زهيدة درويش جبور فقالت في مداخلتها: “يدعونا جورج عبيد في مؤلفه الغني إلى رحلة تنطلق من كتاب للمطران يمكن اعتباره من أجمل كتب السيرة الذاتية وأكثرها فرادة لما فيه من شفافية وصدق من جهة، وانفصال عن الذات لتأملها والحديث عنها كأنها آخر، من جهة أخرى، عنيت “لو حكيت مسرى الطفولة”، مروراً بمقالات أسبوعية تصدّرت صحيفة “النهار” وتناولت موضوعات متنوعة فكرية واجتماعية وأخلاقية ولاهوتية، ليقودنا في نهاية المطاف إلى التأمل في واقع السياسة والفكر والاجتماع والأخلاق في هذا الوطن الصغير المعقد…”. أضافت: “الكتاب يقع في 573 صفحة ويشتمل على أربعة فصول تتمحور تباعاً حول أدب السيرة عند المطران خضر، وحول تجربته الشخصية والوجدانية، ومواقفه السياسية والوطنية والقومية، وملامح فكره ورؤاه الثقافية”.  ولاحظت جبور: “أن هناك تفاوتاً واضح الحجم بين أجزاء الكتاب يشي بهاجس سياسي لدى المؤلف الذي يبحث عن إجابات لأسئلة عديدة لا تزال تطرح نفسها على الغالبية العظمى من اللبنانيين بعد مرور أكثر من ستين عاماً على إعلان الجمهورية ولا أقول على بناء الدولة”. أضافت: “وهو إذ يبحث عن بوصلة وسط متاهة الواقع اللبناني يلتفت إلى شخصية تنتمي إلى نخبة من رجال الدين الذين جمعوا بين سعة الثقافة ووضوح الفكر وصدق الانتماء إلى الإنسان من جهة، والالتزام المخلص بتعاليم الدين والتجذر في اللاهوت المسيحي من جهة أخرى، مع انفتاح رحب على الإسلام عقيدة وفكراً وحضارة”. وقالت: “وإن كان الكاتب لم ينجح في تحاشي التكرار وفي اعتماد منهجية علمية صارمة، إلا أنه وفّق في الإحاطة بجوانب فكر المطران المختلفة لا بل في الكشف عن لبّ هذا الفكر القائم على ثلاثة مبادئ: الحرية، الحركة أو جدلية التنوع والوحدة، وكرامة الإنسان”. واستفاضت د. درويش في التحدث عن فكر المطران خضر وتأكيده على عروبة المسيحيين وتعلقه بمدينته طرابلس ومساهمته مع رجال الدين المسلمين في إشاعة مناخ من الحوار البنّاء، واعتباره أن الديمقراطية العلمانية هي الحل الحقيقي المرتكز على لقاء أحزاب لها اتجاهاتها العلمانية – الوطنية، لافتة إلى أن الكاتب ركز على تمييز المطران بين العلمانية التي أبقت الله قائماً في عبادات الأمة الواحدة، والعلمانية الثوروية التي ألغت الله من الحياة العامة. ويتابع أن العلمانية اللبنانية ليس فيها أي إلغاء للدين بل هي متأتية من إلغاء الطائفية السياسية”. ورأت ان فريقي النقاش الدائر اليوم حول هذا الأمر، لديهما توق لبناء الدولة المدنية التي يتساوى فيها المواطنون أمام القانون وتسودها الشفافية ويكون الولاء فيها للوطن”. وعادت إلى الكاتب فقالت: “يرى عبيد أن المطران أقبل بفكره على الإسلام انطلاقاً من حالة وجدٍ بينه وبين المدينة التي نشأ فيها(طرابلس)، وهو مصيب فيما ذهب إليه، إلا أنه يذكر سبباً آخر أقل بديهية وأكثر ارتباطاً بجوهر العقيدة المسيحية رصده الأب جورج مسوح إنه “إحساسه بأن المسيحيين والمسلمين العرب عاشوا المقهورية معاً”، وعانوا معاً من الاستعمار وظلمه في حقبات مختلفة من التاريخ”. وختمت: “أن تقبل الآخر متحرراً من الأفكار المسبقة، أن تقبله بغيريته هو أن تحقق إنسانيتك من خلاله وأن تكتمل به. تلك حالة يجسدها المطران خضر في كل ما يفعل وفي كل ما يكتب”.

مداخلة وجدانية للإعلامي سمير عطالله

ثم ألقى المربي شفيق حيدر كلمة الإعلامي سمير عطالله والتي تميزت بالوجدانية، راوياً تجربته مع المطران جورج خضر وحديثهما عن الحب “فالإنسان مزهرية إما تملؤها بالحب المولّد للفرح الباعث على السكينة، وإما أن تزرعها بالكره فينبت الشوك في الحلق. فالكاره جحيمه فيه”. أضاف: “جورج خضر كلمة عبقرية مرسلة مثل شعر حاملي البخور والنذور، وهو ليس نسيج وحده، كما يقال في المتفوقين بل هو نسيج الشخصية الحضارية المتعددة الآفاق، ولو واحدة الجذر”. وقال: “كم يرتقي الإنسان عندما يشعر أنه أصبح في صداقة جورج خضر، فالصداقة إذا ما بلغ المرء هذه المرتبة، تعني انك صرت من التلامذة…”. وختم موجهاً التحية إلى الكاتب جورج عبيد على هذا النتاج الكبير وإلى المطران خضر تحية من “الذين لم يعرفوا بعد أشاعر أنت تتواضع إلى غطاء النثر، او ناثر ينثر الشعر كيفما راق وترقرق وارتقى”.

 

الدكتور دياب يونس: تركيز على فكر التعايش لدى المطران خضر وتعلقه بطرابلس

وتحت عنوان “في البدايات تلوحُ النهايات”، عبّر الدكتور دياب يونس في مداخلته عن حبه لطرابلس، مسايراً المؤلف جورج عبيد في دراسته “مسرى طفولة المطران خضر في هذه المدينة: ففي البدايات تلوحُ النهايات، ومن تلك العصية الندية في بساتين الفيحاء استقامت في يمين هذا المستقيم الرأي عصا الأسقفية العصية في كنيسة انطاكية وسائر المشرق”. وتوقف عند محطات تاريخية لعلاقة المطران خضر بطرابلس وتعايشه مع أهلها ومواكبته لعاداتهم وتقاليدهم الدينية، فقال: “سجل المطران خضر في سيرته ما يصلح أن تتلقنه الأجيال مبدأً وطنياً وإنسانياً رائعاً، إذ قال: كنت أعيش في حي مسلم، ما كنا، نحن النصارى، نتجاوز فيه عشر عائلات. لم تكن الكثرة تتصرف كأن الحي لها”، موجهاً الدعوة إلى البنانيين بالقول: “فهلا يا أهل لبنان، بأمثال هؤلاء المسلمين، اليوم، نتعظ…” ولا نتبجحن بأننا مسيحيون وبأننا مسلمون، وباننا من أبناء الحكمة، … ولا نزعمن بأن لبنان وحده حضننا الدفيء وحصننا المنيع وموطننا الاوحد…”. وعن الكاتب جورج عبيد قال: “المنشء المتمكن المثقف، المنتشي بمقولات جورج خضر ولسانه، الأديب الأنيق، فحسبه أنه يكتنز فكراً ورؤى، ويغمس قلمه في حبر الروائع والأناقات، وينهد إلى معالجة مسائل جليلة، وأنه أتى عملاً يشهد له بأنه من أهل هذه الصناعة وبانه اهل لكل عميق وجميل”.

الكاتب جورج عبيد: تعالوا إلى كلمة سواء

ثم اختتم اللقاء بكلمة لمؤلف الكتاب “قراءة في فكر المطران جورج خضر” الكاتب جورج عبيد يمكن إيجازها بما كتبه على الغلاف الخارجي للكتاب والذي اعتبر فيه “أن الغاية من إبراز أدب المطران خضر وفكره، تصب في خانة تأكيد فكر، يجيء صافياً كالبلور، مشعاً كالنور، يختطفك من جهل التعصب والانغلاق في الحروف، إلى رحابة المسيح الكوني، المشرق على دنيا الإنسانية، والتي تنتظره كل الأديان والأمم والشعوب. وهذا حافز في لبنان والمشرق العربي، لنعيش أحراراً في إخاء ومحبة وسلام، عبر تجليات إبداعية، تحاكي الله في جدّة الوجود وأبديته، ووحدانيته غير الممزقة بصراعاتنا وجاهلاتنا، أو “صراعات جهالاتنا”…  مما قاله في الندوة: “تعالوا إلى كلمة سواء، ليس لنا في هذه الأزمنة سوى هذه الكلمة. قراءتي في فكر المطران جورج خضر، هي قراءة في كلمة سواء، وفي “الخيرات الآتية”، والمبرّات المستقبليّة، المولودة من حروفها. وقد أسّست لأزمنة يجب أن تستعاد على أرض لبنان، وتتوسّع نحو فلسطين ومصر والعراق….وتقودني تلك القراءة إلى هذا السؤال الموضوعيّ البعيد من الشعر والرومنسيّات العبثيّة، إذا فرغ هذا المشرق العربيّ من المسيحيين العرب سواء في مصر أو فلسطين أو العراق أو حتّى لبنان، ماذا يبقى من تاريخانيّة الثقافة العربيّة وانعطافها على المستقبل، والتي ساهم المسيحيون العرب على مرّ العصور في انبلاجها والتحضير لها والتوكيد عليها والتسليم بها وجعلها حالة أنموذجيّة فريدة بوجه الاستعمار العثمانيّ والانتداب الفرنسيّ وكلّ انتداب آخر؟ لا يمكن لنا التسليم بمبدأ بتر الذات وتمزّقها بأطر جامدة تتصارع مع بعضها حتّى التذابح….نحن ذات واحدة بخصوصيّات متعدّدة ومتنوّعة على المستوى الروحيّ، وفي كلّ عباداتنا. فالذات الواحدة تتجلّى وتتبلور بفكر المواطنة هذا الذي ركّز فيه مليًّا بعض أئمتنا في الإسلام، ونتوسّله من جديد سلوكًا بهيًّا يجمع فيما بيننا، ويجعل من أرضنا جنّة يسكنها الله الواحد والحيّ إلى الأبد….

وقبل توقيعه الكتاب للحضور، وجه الكاتب جورج عبيد “الشكر الكبير إلى مؤسسة الصفدي بدءاً برئيسها الفخري الوزير محمد الصفدي الهمّام والمعطاء، ورئيستها المحبة للفكر اللامع والثقافة الأصيلة السيدة منى الصفدي… وفريق عمل “المؤسسة”. والشكر الخاص إلى الدكتور حلوة “الذي مهد وأدار الأمسية ببراعة فائقة”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

شائعات تطال المرشحين العلويين… أوساطهم: لا مصلحة لأحد من خسارة أصواتنا

دموع الاسمر لا يزال مرشحو المقعد العلوي من سكان جبل محسن يتخبطون نتيجة الشائعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *