الرئيسية » تحقيقات » خالد التدمري يطالب تحويل مدرسة السلطانية الى متحف وطني
طرابلس الفيحاء او طرابلس الشام هي تلك المدينة العريقة الموغلة في التاريخ وهي المدينة التي تشكل صلة الوصل بين مدن الساحل السوري الممتد من الاسكندرون حتى سيناء .. طرابلس الشام هي المدينة التي تختزن مئات المعالم الأثرية والمواقع التاريخية التي تشير إلى الحقبات التاريخية التي عاشتها المدينة والى الدور الرئيسي الذي لعبته في التاريخ القديم والحديث ، لكن معالم هذه المدينة لم تنل العناية والحماية

خالد التدمري يطالب تحويل مدرسة السلطانية الى متحف وطني

طرابلس الفيحاء او طرابلس الشام هي تلك المدينة العريقة الموغلة في التاريخ وهي المدينة التي تشكل صلة الوصل بين مدن الساحل السوري الممتد من الاسكندرون حتى سيناء .. طرابلس الشام هي المدينة التي تختزن مئات المعالم الأثرية والمواقع التاريخية التي تشير إلى الحقبات التاريخية التي عاشتها المدينة والى الدور الرئيسي الذي لعبته في التاريخ القديم والحديث ، لكن معالم هذه المدينة لم تنل العناية والحماية لا بل بعض معالمها اليوم تتعرض للهدم والاندثار بفعل اليد التي امتدت غير عابئة بالمواقع الأثرية.

ما يثير الاستهجان أنه  في كل دول العالم تتحول الأماكن الأثرية إلى متاحف تضم في أجنحتها أهم المكتشفات التاريخية من آثار وتحف وخرائط لتكون شاهدة على تاريخها والحقبات التي مرت بها… أما في لبنان فنجد وزارة الثقافة ومعها المديرية العامة للآثار تتعمدان تهميش هذه الأماكن وترك أصحاب العقارات يحولونها إلى مراكز تجارية مع تقديم التسهيلات في الحصول على رخصة البناء..

تعتبر  “السلطانية” التي تحولت الى مدرسة، العقار الوحيد الذي تمتلكه الدولة ويبلغ 3800 متر مربع والذي تسعى جهات سياسية منذ أربع سنوات إلى هدمه وإنشاء مجمع تربوي كبير مكانه.. وهذه المدرسة  كانت مقراً للمكتب الرشيدي السلطاني زمن العثمانيين عام 1890 من ثم تحولت إلى مدرسة للتعليم الثانوي الرسمي قبل أن تصبح حاليا مدرسة الجديدة الرسمية.

وهذه المدرسة شاهدة على تخرج أعلام كثر من طرابلس والشمال عدا عن أنها شاهدة على هبوط أول طيار عام 1913 بطائرته التي التف حولها الناس في حالة ذهول لرؤية أول طائرة في ساحة المدرسة والتي ظنوها طائرة من كوكب آخر.

خمس سنوات مضت والجدل قائم بين المؤرخين والمهتمين والغيورين على مصير هذا البناء الأثري وكان أملهم تحويل “السلطانية” إلى متحف أثري تربوي يضم في أروقته الحقبة العثمانية والحقبة الفرنسية وقاعات تخصص للمحاضرات ومكتبة عامة في الوقت الذي نجد فيه وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار تسعيان إلى هدم هذا المعلم وتحويله إلى مجمع مدرسي يضم 7 آلاف طالب في منطقة لا يتجاوز عدد سكانها 500 عائلة.

الدكتور خالد عمر التدمري مهندس أثري وتراث هاجسه حماية آثار طرابلس وإحياء تراثها ووالده المؤرخ الدكتور عمر التدمري معروف بأنه مؤرخ طرابلس والدكتور خالد التدمري هو عضو مجلس بلدية طرابلس ورئيس لجنة الآثار والتراث في البلدية  وقد التقته ” البناء ” في حوار حول مجمل الشؤون المتعلقة بآخر المستجدات الأثرية . وسألته عن الأسباب التي دفعت بوزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار إلى إصدار قرار يقضي بهدم الأبنية التراثية في المدينة وعن دور بلدية طرابلس في حماية تاريخ المدينة من الاندثار.. ولماذا مدينة العلم والعلماء بالذات تنتهك كنوزها وتهدم أمام عيون أحفاد عظمائها؟؟ وهل ما يجري لو جرى في منطقة أخرى بعيدا عن طرابلس يمر دون إطلاق صرخة سياسييها؟؟.. أما نواب مدينة طرابلس فسمحوا للغرباء بانتهاك وإزالة معالمها دون أن يحرك لهم ساكنا علّهم يستفيدون من أصحاب العقارات بنقش اسمهم ليبقى محفورا على الحيطان ليكرس لهم حقبة جديدة من تاريخهم المليء بالانجازات!!؟؟..

بداية أشار تدمري إلى أن معظم الأبنية الأثرية في طرابلس تفتقد إلى الغيرة من قبل أصحابها للمحافظة على التراث وإرث الأجداد بعكس ما نراه في المدن المجاورة أقلها في سوريا خاصة في دمشق وحلب وحمص حيث تعاون أهلها  مع البلديات في تلك المدن السورية ساهم في الحفاظ على تراث الأجداد، وارتفاع أسعار العقارات، فأصبحت البيوت الواقعة ضمن المناطق الأثرية من أغلى المنازل.. بينما في طرابلس نشهد هذا العام سقوط واندثار ما يزيد عن سبع أبنية، تعد من أجمل القصور (قصر المغربي، قصر غانم ومسرح الانجا وغيرها..)، والتي سقطت إما بسبب الإهمال من قبل مالكيها وتقصير بلدية طرابلس والمديرية العامة للآثار وإما استهدفت بهدم متعمد لإقامة مبان تجارية جديدة مكانها، كمسرح الانجا، ومطبعة اللواء (150 سنة وقد هدم المبنى برخصة من بلدية طرابلس لإقامة أبنية تجارية)..

واعتبر تدمري أن ما يحصل اليوم لا يختلف عن الأمس، “فنحن نشاهد بأم العين هدم مدرسة الجديدة العريقة “السلطانية” دون أن يحرك أحد ساكنا..

حتى أن إثارة موضوع الهدم إعلامياً لم يعط نتيجة، حسب قول تدمري، “كل التحركات وما رافقها من نقاشات قمنا بها منذ أربع سنوات، إضافة إلى مساندة المجتمع المدني وألوف الخريجين الذين تعلموا في رحاب هذه المدرسة (السلطانية)، إلا أن هذه المساعي لم تساهم في إبقاء هذا المعلم الهام، بل علمنا مؤخراً أنه سيجري هدم المدرسة بالكامل وليس جزئياً كما  كان متفقاً عليه مع وزارة الثقافة بحيث يتم إضافة مبانٍ في باحة المدرسة مع الحفاظ على شكل المدرسة الهندسي وخاصة القناطر التراثية..

ويعتبر تدمري أن الإغراءات المقدمة في هذا الإطار مغرية جداً، وهي تخصيص مرآب للسيارات مؤلف من طبقتين تحت الأرض، ويمكن استثماره!!..

إلا أن تداعيات إقامة مجمع مدرسي وسط منطقة التل له تداعيات سلبية أوضح تدمري بالقول: الجميع يعرف أن وسط المدينة تنظيمياً لا يتحمل مدرسة بهذا الحجم، ففي الوقت الذي نرى فيه نزوح المواطنين هرباً من الازدحام الخانق اليومي للسكن في ضواحي المدينة، كما يوجد في المنطقة نفسها 5 مدارس أخرى، إضافة إلى مبنى البلدية وورشها، ووزارة المالية، ومستشفى شاهين، وعدد كبير من مباني المكاتب ، فكيف لنا أن نحضر إلى هذه المنطقة 7 آلاف طالب مع أهاليهم وان نؤمن سيراً منظماً في منطقة تعج بالفوضى والازدحام؟

وتساءل تدمري كيف تم دراسة احتياجات هذه المنطقة التي تخلو من السكان، وتبين أن معظم طلاب المدرسة القائمة حالياً، يأتون من منطقتي التبانة والزاهرية، وهم ليسوا من منطقة التلّ أساساً؟؟.. فلماذا لم يبادروا الى بناء هذا المجمع المدرسي الضخم في التبانة؟؟.. ورأى تدمري “أن مبنى السلطانية من الناحية التنظيمية يشكل المتنفس الوحيد، في وسط هذه المنطقة التي تلاصقت فيها المباني المرتفعة.. واستغرب  كيف يمكن التخلص من هذا المبنى لإشادة مبنى مكانه مؤلف من 7 طبقات!!..

وتساءل : أين وزارة التربية والتعليم لتقوم بفكرة رائدة لتؤسس بدلا من مئات المدارس متحفاً وطنياً واحداً يكون مركزه مدرسة “السلطانية” خاصة وأنه لا يوجد في طرابلس متحف وطني واحد يحفظ تاريخ المدينة!!.. وبالنسبة الى الدول المانحة لمثل هذه المشاريع فقد أبدى السفير التركي في لبنان سيردار كليتيش استعداد حكومته أن تمول هكذا مشروع للمحافظة على “السلطانية” بعد أن سبق لحكومتنا أن هدمت المدرسة “الرشيدية”  الملاصقة لفندق رويال منتصف الستينيات في القرن الماضي وسط ساحة التلّ.. هذه المدرسة التي بنيت في عهد السلطان عبد الحميد كانت المدرسة الأولى التي تخرج الطلاب في المرحلة المتوسطة، أما السلطانية التي أنشئت في عهد السلطان رشاد فكانت تخرج الطلاب حاملين شهادة الثانوية العامة.. حيث تفتح أمامهم أبواب الجامعات في اسطنبول وأوروبا بعدها..

وأسف تدمري لما آلت إليه مدينة طرابلس على أيدي سياسييها وزعمائها الذين ينادون بالاعمار والحفاظ على التراث ويدعون أنهم ينتهجون خط الرئيس الشهيد رفيق الحريري في السياسة الذي أعاد إحياء وسط بيروت بعد أن دمر في فترة الحرب، ونشاهد في طرابلس ما حصل في سينما الإنجا في الهدم المتعمد لإقامة مركز تجاري مكانه، وفي الهدم المتعمد في السلطانية لإقامة مدرسة ” باطونية “، فقد جاءنا عن طريق نائبين من كتلة الحريري قراراً يقضي في هدم الأبنية الأثرية بدل السعي الى اقامة مشاريع نهضوية بديلة تحافظ على وجه المدينة االتراثي وتساهم في تفعيل الحركة السياحية والثقافية والتجارية فيه..

وأضاف :

منذ سقوط سينما الإنجا بداية العام الحالي على رأس ثلاثة عمال لقوا مصرعهم، إلاّ أن منظر الحجارة المتراكمة فوق بعضها في ساحة التل ما تزال تلفت نظر المارة وخاصة السواح منهم والسؤال: لماذا لا يعاد ترميم هذا المعلم الاثري؟؟ ويتابع: ماذا لو كان هذا المعلم في بلد آخر؟؟..

أما تدمري فيحمل المسؤولية كاملة الى رئيس بلدية طرابلس رشيد جمالي الذي لم يقم منذ تاريخ سقوطه بعرض الموضوع بشكل جدي على المجلس البلدي لابداء الرأي واتخاذ الخطوات أو الإجراءات اللازمة في حين اكتفى الرئيس ووزير الثقافة تمام سلام باستنكار ما حدث ومطالبة أصحاب العقار إعادته الى شكله الأساسي، كنا نتوقع أن تقترح وزارة الثقافة على البلدية استملاك هذا العقار والقيام بإعادته الى شكله الأساسي واستخدامه، خاصة وأن المدينة تخلو من أي مسرح ثقافي تابع للبلدية، وها هي فرقة كورال الفيحاء التي نعتز بنجاحها عالميا تجري تدريباتها في قاعة صغيرة تقع أسفل بلدية طرابلس، وهي في الأصل  عائدة لشرطة البلدية.. وقال: كان حرياً على رئيس البلدية بدل الدخول في صراع مع ملاكي خان الصابون ورصد مبالغ كبيرة لشراء املاكهم في الخان عنوة، نسأل لماذا لم يسع الى استملاك سينما الانجا وحمايتها من الاندثار، والذي يعتبر اهم معلم من الحقبة العثمانية، واليوم بات منظره يشوه ساحة التل أمام أعين المسؤولين في البلدية، علماً أنه يبعد عن البلدية مسافة لا تزيد عن الخمسين متراً!!…

وكشف تدمري عن قيام أصحاب عقار سينما الانجا بالطلب الى وزارة الثقافة بازالة العقار المذكور عن لائحة المباني الاثرية المسجلة على لائحة الجرد العام بهدف الحصول على رخصة لاقامة مباني تجارية مكانه..

وتحدث تدمري عن إهمال وزارة الثقافة والمديرية العامة للاثار لجهة تمويل مشاريع ترميمية في طرابلس، فقد اكتفوا أن يقوم البنك الدولي بتمويل مشروع احياء الارث الثقافي عبر قروض، واعتبروه كافيا.. لذلك نرى أن مشاريع الترميم التي تجري تكون بإشراف المديرية العامة للآثار… كذلك لم ترسل أي بعثة أجنبية تهتم بالآثار من بين عشرات البعثات التي تتقدم  بطلب إجراء حفريات أثرية في المواقع اللبنانية، لذلك لا يزال تاريخ طرابلس مطموراً تحت أديم الميناء، في وقت نسمع فيه كل يوم عن اكتشافات جديدة تحرزها البعثات الأثرية في صيدا وصور وبيروت..

لم يأت ترميم “التكية المولوية” الواقعة تحت قلعة طرابلس الأثرية والتي تعتبر من أهم المعالم التراثية في المدينة من فراغ فبعد متابعة حثيثة دامت سبع سنوات مع إعداد دراسة هندسية ترميمية للموقع مع تقديم مستندات ومعلومات تاريخية نادرة يقول تدمري، حصلت المديرية العامة للآثار على موافقة كل من المديرية العامة للآثار التركية ودائرة الأوقاف الإسلامية التركية وعلى أساسها تم الإعلان عن المناقصة في أنقرة ومن ثم تلزيم المشروع الى شركة متعهدة تركية حسب ما كان متفق عليه مع بلدية طرابلس.

ومنذ إطلاق أعمال الترميم في “التكية” يقول تدمري: يفترض أن تنتهي اعمال الترميم في مدة أقصاها عشرة أشهر.. لتتحول بعدها التكية الى مركز ثقافي ديني سياحي ويضم متحفين الاول يخصص لتاريخ طرابلس، والثاني بتاريخ “التكية” وآل المولوي، اضافة الى إنشاء مكتبة عامة عن الفنون العثمانية وقاعات للمعارض والمحاضرات وإعداد فرقة مولوية طرابلسية تقدم عروض دينية تراثية داخل قاعة “السماخانة” التي سيعاد بناؤها مع قبتها بالكامل..

ويختم تدمري حديثه بالقول :

الا ان البروتوكول الموقع بين بلدية طرابلس ومؤسسة “تيكا” التابعة لرئاسة وزراء تركيا فإنه ينص يقول تدمري “أن تقوم بلدية طرابلس بنقل سوق الأحد القائم حاليا بجوارها الى مكان آخر، لكن رئيس البلدية حتى الساعة لم يبادر الى عرض هذا الموضوع الهام على جلسات المجلس البلدي في وقت نناقش فيه مواضيع أقل من عادية ونترك المواضيع الجديرة بالنقاش جانباً كالعشوائيات والبسطات المنتشرة في شوارع المدينة، وأيضا تفرد الرئيس بتداول المواضيع المهمة بعيدا عن استشارة أعضاء المجلس، علماً أن عملية تأخير نقل سوق الأحد الى مكان آخر قد تؤدي الى تعطيل المشروع في حال لمست الجهات التركية مماطلة في التنفيذ

 

 

الدكتور خالد التدمري
الدكتور خالد التدمري

شاهد أيضاً

مبنى عصام فارس البلدي فيها من اهم القصور البلدية في عكار.. برج العرب حركة عمران ومشاريع بلدية قيد الانجاز ورئيس البلدية ينشط لرفع الحرمان

عند مدخل عكار الجنوبي وما إن تعبر محلة العبدة حتى تطالعك البلدة التي نمت بشكل ملحوظ وباتت تزدحم بالمحلات والمؤسسات المتخصصة بشتى الميادين.انها برج العرب التي اسستها عشائر عربية عريقة رايتها الشهامة والنخوة وكرم الضيافة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *