الرئيسية » مقالات » في حزب سعادة.. حلقة ثانية: رئاسة الحزب
الحزب السوري القومي الاجتماعي

في حزب سعادة.. حلقة ثانية: رئاسة الحزب

الحزب السوري القومي الاجتماعي

 

 

طــه غــدار 

 آمنا بسعاده الشارع وصاحب الدعوة وواضع أسس النهضة والزعيم والمعلم والهادي للأمة، وقام بمهمته خير قيام، لمدة 17 عاماً كان خلالها مثالاً وقدوة في القيادة العملية للجماعات المنظمة، دؤوب النشاط، دقيق الالتزام بالمسؤولية. فقد علّم القوميين معنى المسؤولية وكيفية ممارستها، وطرق التعامل والتواصل فيما بينهم وبين الناس في أرقى دروس عملية مازالت حتى اليوم مصدر إلهام للقوميين الاجتماعيين وللأمة على الإطلاق. ينفرد حزب سعاده، بأنه الحزب الوحيد الذي تأسس بموجب دستور، فهو الحزب – الدولة، دولة – الأمة، الدولة صاحبة السيادة على كامل الأرض القومية. فهو يمتاز لهذه الناحية بأنه حزب غير اعتيادي لأنه يتناول مصير حياة الأمة والوطن السوريين. بناء على كل ذلك، يجب أن يتولى العمل السياسي القومي رجال مؤهلون يتحلون بمواهب عالية وقدرات فذة ومعارف عديدة وكفاءات علمية وعملية ليتمكنوا من إنقاذ الأمة في ظل ما تعانيه وما تتعرض له من مخاطر وكوارث سياسية واجتماعية واقتصادية عز نظيرها! كان حريصاً على اختيار العناصر المؤهلة للعمل السياسي العالي، وتزويدها بما تحتاجه من معرفة في القواعد القومية للفكر السياسي. وملاحظاته العديدة المبثوثة في رسائله هي أوضح دليل على رسوخ ثقته بشعبه، وبحزبه، وصلابة عزمه ودقة تخطيطه، وسمو إخلاصه لنهضة بلاده، عبر حزبه الفريد بعقيدته المُحيية ونظامه البديع. التأهيل السياسيوجه عنايته إلى كل من فخري معلوف – وكان أسفه عظيماً عندما فقده عام 1946 – وهشام شرابي الذي دعاه للعودة من أميركانية لدراسة الفلسفة القومية، وغسان تويني الذي صرف جهوداً مضنية عليه دون جدوى، وأسد الأشقر الذي يقول عنه في رسالته إلى الأب بولس مسعد (1946.8.2) “إني أعرف مزاج الرفيق أسد الأشقر العصبي وشدة اندفاعه في مجرى الأفكار والآراء اللامعة، وهما صفتان من أحسن الصفات المؤهلة للكتابات الإذاعية، ولكن التخطيط هو عمل دقيق جداً لا يمكن بلوغ أحسن النجاح فيه بواسطة الأفكار اللامعة… (لكن ظروفي) لم تمكني من توجيهه في القضايا القومية والسياسية، النظرية والعملية، ولا من الإدلاء بشيء من تفكيري السياسي في القضية السورية القومية الاجتماعية وفروعها، فظل تفكيره في هذه الأمور على سجيته غير مثقف بقواعدنا الاجتماعية للفكر السياسي، وآسف بالأكثر لأني أجد فيه الأهلية لهذه الثقافة ومواهب ذكاء وتنبه وملاحظة جديرة بتوسيع المعرفة والتعمق في الفهم… ولكني سأكتب إليه قريباً جداً”.كل ذلك يدل على العناية الكبيرة التي أولاها سعاده لبعض الإمكانيات الحزبية، وعمله الدؤوب لصقلها بالمعارف والثقافة السياسية، وتدريبها على العمل السياسي القومي لتكون قدوة جديدة للقوميين وللشعب على حد سواء في العمل السياسي القومي الاجتماعي. سعاده الواضحأُولى المؤسسات السياسية للدولة القومية التي سنعرض لها هي مؤسسة الرئاسة، التي تتحمل مسؤولية السلطة التنفيذية، والرئيس هو بمثابة “خلف الزعيم” كما يُطلق عليه سعاده في المواد الانتقالية من دستور عهد الزعامة إلى عهد ما بعد الزعامة (المادة 11). هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة. وهذه المؤسسة السياسية مهمتها المصير القومي كله. إننا لا نقع في عهد الزعامة على أي مرجع آخر أو أثر مخطوط غير ما ورد في المواد الانتقالية المذكورة يشرح فيه سعاده تفاصيل كيفية انتخاب الرئيس وصلاحياته ومهامه، بينما نجد العديد من الإشارات مبثوثة في كتاباته ورسائله عن صلاحيات المجلس الأعلى (السلطة التشريعية) أو المحكمة المركزية (السلطة القضائية). لكن ذلك لا يُوقعنا في إلتباس يصعب الخروج منه. طالما كان سعاده واضحاً كل الوضوح في كتاباته وشروحاته وقدوته. لقد حددت المادة العاشرة من الدستور صلاحيات المجلس الأعلى (الذي كان استشارياً في عهد سعاده) ومنها صلاحية تعديل الدستور، وبُعيد استشهاده ينتخب “خلف الزعيم” لمتابعة سير الأمور الحزبية بانتظار إجراء التعديلات الدستورية الضرورية لعهد ما بعد الزعامة. لكن سعاده كان قد حلّ المجلس الأعلى بُعيد عودته من مغتربه القسري في 1947.4.4 نتيجة الانحراف الحزبي الذي وقع فيه بعض أعضائه، وعدم حمل بعضه الآخر رتبة الأمانة. ما حصل بعد استشهاد سعاده في الثامن من تموز 1949، أن التقى الأمناء (وعددهم كان 16 أميناً) بناء على دعوة من مدير مكتب الزعامة الأمين الياس جرجي قنيزح. وبعد التداول في شأن قيادة الحزب، جرى انتخاب أول مجلس أعلى بعد سعاده.  تعديل مخالفأصدر هذا المجلس أول تعديل للدستور، وكان مخالفاً لنص المواد الانتقالية من عهد الزعامة إلى عهد ما بعد الزعامة لاسيما المواد 11. 12. 13 من الدستور الأساسي. هنا نتساءل في هذا المجال: لماذا كان هذا التعديل المخالف؟! نصت المادة 11 من الدستور على التالي: “يجتمع المجلس الأعلى بناء على دعوة من رئيسه في مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ حيلولة أي مانع طبيعي دائم دون ممارسة الزعيم سلطاته لانتخاب خلف له”. واضح أن أول رئيس (مؤقت) للحزب ُينتخب من قبل المجلس الأعلى القائم بعد استشهاد سعاده، وذلك لمتابعة سير دفة الأمور رأساً لحين إجراء التعديلات المطلوبة على دستور عهد الزعامة من قبل المجلس الأعلى. على الأثر، بعد إجراء التعديلات وإقرارها من قبل المجلس الأعلى. يجري تقديم استقالة أول رئيس مؤقت للحزب، والمجلس الأعلى إذا لزم الأمر، لإعادة انتخاب رئيس جديد – وفقاً للتعديلات الجديدة – وأعضاء مجلس أعلى طبقاً للمادتين 12 و 13 من الدستور الأساسي. جاء في نص المادة 12 فيما خص رئاسة الحزب: “يكون للرئيس المُنتخب السلطة التنفيذية فقط…” هذا الكلام الصريح يوضح أن نظام الحزب رئاسي. فرئيس الحزب وحده يمثل السلطة التنفيذية، كما يعني أن نظامنا الديمقراطي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات. ومُتابعة لما سبق، ورد في نص المادة 13: ” (1)   مدة ولاية الرئيس المنتخبو(2)   طريقة انتخابه…” هذا يعني، أن هناك طريقة أخرى لانتخاب رئيس الحزب غير تلك الواردة في نص المادة 11 – الانتقالية – الآنفة الذكر. كان على أول مجلس أعلى، أن يُشرّع “لطريقة انتخاب” الرئيس وفقاً لنص المادتين 12 و 13 غير أن هذا المجلس قصّر دون مهمته التشريعية هذه في تشريعاته الصادرة في 1951.11.16 حول هذا الشأن. وما زال هذا الأمر مستمراً حتى اليوم! ولما كان نظامنا رئاسياً، كأي نظام رئاسي آخر (النظام الأميركاني) يُنتخب فيه رئيس الدولة من عامة الشعب، فالرئيس يُنتخب مباشرة من قبل الأمناء الذي يعبّرون عن كل السوريين القوميين الاجتماعيين وبالتالي عن كل الشعب في الدولة السورية، وطريقة الانتخاب هذه توفر للرئيس سلطة كبيرة حداً تضعه على قدم المساواة مع المجلـس الأعلى( السلطة التسريعية) كالانظمة الرئاسية. التعديلات المخالفةأصدر أول مجلس أعلى عام 1951 بعد استشهاد سعاده، القانون الثامن – والأحرى القانون 12 متابعةً لمراسيم الزعامة، إذ هناك 4 مراسيم أخرى لسعاده لم تُضم للدستور – استناداً إلى المادتين 12 و 13 دون الحادية عشرة من دستور عهد الزعامة، وحشر فيه:1- انتخاب أعضاء المجلس الأعلى.2- انتخاب رئيس الحزب وصلاحياته.3- منح رتبة الأمانة.4- إنشاء محكمة حزبية. فيما خص رئاسة الحزب، جاء في المادة 15 من القانون المذكور: “يُنتخب رئيس الحزب من الأمناء من قبل المجلس الأعلى… وتكون مدة ولاية الرئيس سنتين قابلة للتجديد، ويكون الرئيس المنتخب رئيساً لمجلس العمد” (لاحظ ركاكة الصياغة). إذن:1- يجب أن يكون الرئيس من الأمناء.2- ينتخبه المجلس الأعلى.3- ولايته لمدة سنتين، قابلة للتجديد.4- يكون الرئيس أيضاً رئيساً لمجلس العمد. نتناولها بالتتالي:1-  أن يحوز الرئيس – الأمين كافة الشروط الخمسة الواردة في نص المادة الثانية من المرسوم السابع للزعيم. وكان يجب وضع مواصفات أخرى لمؤسسة الرئاسة في قانون خاص.أ‌-  على سبيل المثال أن يحمل اختصاصاً عالياً في العلاقات الدولية أو الاقتصاد أو… من المؤسسات الحزبية. وأن يكون من أصحاب النظر بالأمور الإستراتيجية ومُلماً بكل شؤون وأحوال الوطن السوري وموارده الطبيعية. وأن يكون قد عمل في شتى حقول الحزب – الدولة ونال تقديراً على أعماله. وأن تطّلع هيئة متخصصة من الأمناء (هيئة صيانة الدستور مثلاً مؤلفة من قضاة أو ما شابه) على مشروعه للرئاسة قبل الموافقة على قبول ترشيحه على أن يتضمن الخطوات الأولى لإنشاء الدولة السورية القومية الاجتماعية ومؤسساتها، لأن المهام الكبرى التي سيضطلع بها تفترض وضع مواصفات وآليات تماثل النظام الرئاسي الأميركاني إذا لم يكن أكثر.”ولما كان الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الأمة مصغرة، كان عليه أن يعتبر نفسه، في حقيقته واتجاهه وأهدافه، دولة الشعب السوري المستقلة. ولذلك أعلنت أن القوميين الاجتماعيين يشعرون أن الحزب هو بمثابة دولتهم المستقلة”.(محاضرة الزعيم في الندوة الثقافية 1948.1.18) ب- المحافظة على العمل بدستورسعادة بشكل دقيق وصارم، والعمل لترسيخ أعراف قومية اجتماعية ترسّخ مفهوم الديموقراطية التعبيرية في وجدان القوميين والشعب.ج- الحفاظ على أنظمة الدولة وقوانينها وسيادتها القومية. د- يجب أن يُنتخب الرئيس من قبل الشعب أو من قبل المعبّرين عن جسم السوريين القوميين الاجتماعيين الذين يمثّلون الشعب ويُعبّر عنهم الأمناء، ولا يُنتخب إطلاقاً من قبل المجلس التشريعي (مجلس النواب مثلاً) مثلما يجري في الأنظمة البرلمانية. وكان سعاده قد رفض رفضاً قاطعاً هذا النظام البرلماني، لاسيما في خطابه المنهاجي في حزيران 1935. والذي كان قد أعاد شرح مضمونه بعيد عودته من مغتربه القسري، في الندوة الثقافية في كانون الثاني 1948 معيداً التأكيد على خطته – القول الفصل – لإعادة سورية إلى الوجود على مسرح العالم المتمدن، وموضحاً السياسة القومية التي يجب أن لا نحيد عنها.لقد حدد سعاده طبيعة نظامنا بأنه رئاسي، فكيف يأتي أول مجلس أعلى بتشريع مخالف لدستور سعاده؟ كيف يتخذ من النظام البرلماني في لبنان مثالاً يُحتذى لأول قيادة بعد سعاده؟ لقد “سحرهم” هذا النظام. إذ كان يقول أحد “الأمناء” الذي تولى رئاسة الحزب أكثر من مرة، أنه “صاحب المدرسة اللبنانية في الحزب القومي”(اسد الأشقر). وقد جاراه بعض “الأمناء” و” المسؤولين” لتاريخه في ذلك قولاً وفعلاً. وفي هذا المجال، هناك العديد من الانحرافات الخطيرة التي يعلمها القوميون الاجتماعيون علم اليقين، ولكنهم مروا بها مرور الكرام!إن عملية انتخاب الرئيس من قبل المجلس الأعلى تجعل من الأخير صاحب السلطة العليا في الحزب، وهذا ما يخالف مبدأ الفصل بين السلطات ومساواتها فيما بينها وتعاونها. حيث يصبح نظامنا مجلسياً لا رئاسياً. والواقع أن هذه الظاهرة الانحرافية هي عودة إلى ما كان خلال فترة غياب سعاده (1938-1947) عن الوطن، حيث كان المجلس الأعلى هو السلطة العليا بعد أن سلّفه سعاده بعض السلطات التنفيذية (رسالته إلى رئيس المجلس الأعلى فخري معلوف (1938.7.2) وربما لثقته بالأخير فعل ذلك بإرتياح. على عكس ما فعل نعمة ثابت بعد سفر معلوف، جعل نفسه بمثابة “الزعيم”) نتيجة اضطراره للإسراع بالتواري والانتقال عبر فلسطين إلى قبرص، بعدما حاولت سلطات الانتداب اعتقاله.صحيح أن سعاده كان يخطط قبل هذه الحادثة للسفر إلى المغتربات السورية للقيام بجولة لمدة سنتين على الأقل. وربما لو كان سافر بشكل إرادي ولم تبدأ الحرب العالمية الثانية وفقاً لتقديراته، لكان أقدم على تعيين رئيس للحزب يتولى السلطة التنفيذية وفقاً للدستور الأساسي.ومن المعلوم، أن سعاده بُعيد عودته عام 1947 إلى الوطن، حاول تعيين رئيس للحزب ليتسنى له التفرغ للكتابة في سلسلة مواضيع فكرية وسياسية. لكن لم يقبل أحد ممن عرض عليهم الفكرة؟! وقد أعلمني بذلك الأمين الياس جرجي قنيزح في 1986.8.1 .والتعديل الصادر عام 2010 أعاد إلى دستور سعاده في مواده الأساسية للرئيس السلطة التنفيذية فقط، لكنه خالف في القوانين الدستورية المرتكزة عليه لجهة تعيين العمد ونواب الرئيس وناموس مجلس العمد و… كما خالفت هذه التعديلات صلاحيات الرئيس في مجلس العميد .3-  واضح أن فترة السنتين غير كافية لأي رئيس دولة للقيام بتنفيذ “خطته القومية” لكامل الوطن السوري. لذلك فهو يبقى رهينة “هوى” المجلس في التجديد له لمدة أخرى، هذا وفقاً للتعديل الذي أُجري العام 1951.4-  إن عمل رئيس مجلس العمد إداري بحت لمتابعة أعمال ومشاريع وموازنة كل عمدة، لينصرف رئيس الحزب للقضايا المصيرية الكبرى، فيهتم بأوضاع الوطن والأخطار المحدقة به، ويتابع القضايا العالمية في السياسة والاقتصاد و… لذلك يقتضي الفصل بين رئاسة الحزب ورئاسة مجلس العمد. والعمد وفقاً لدستور سعاده هم مجرد مساعدين للرئيس ولا حاجة للرئيس لحضور جلسات مجلس العمد إلاّ لشرح بعض الخطط والمواضيع السياسية الكبرى وهذا واضح في المادة الرابعة من المرسوم الدستوري الاول لسعادة أن لمجلس العمد رئيس وناموس يعينهما الزعيم، الرئيس بعده، يتابع رئيس المجلس كافة شؤون المواطنين الاجتماعية والاقتصادية و… لينصرف رئيس الحزب للشؤون السياسية الدولية.لكن هذا لا يعني إهمال الرئيس للشؤون التي تدرس في مجلس العمد. ويبقى على اطلاع مستمر على مجريات الأمور من خلال رئيس مجلس العمد. تناولت المادة 16 صلاحيات رئيس الحزب، فإذا هي: “تمثيل الحزب والتكلم باسمه ضمن مخططات المجلس الأعلى والإنابة عنه في التمثيل والتكلم” وأنه “يرفع استقالته” إلى المجلس الأعلى (المادة 17)؟! واضح من هذا الكلام، أن رئيس الحزب مجرد “ناطق” رسمي باسم الحزب ليس إلا. وأن المجلس الأعلى هو من يوافق على “خطة” رئيس الحزب ويراقب أعمال الرئاسة ومجلس العمد. وأن رئيس الحزب هو مجرد مسؤول إداري تنفيذي يتولى رئاسة مجلس العمد لتنفيذ قرارات المجلس الأعلى. ولا صلاحيات للرئاسة دون ذلك؟! وهذا واضح في الفقرة التالية من المادة 16 التي جاء فيها أن الرئيس ينتقي أعضاء مجلس العمد “لمعاونته في ممارسة الصلاحيات التنفيذية المنصوص عنها في المادة 12 من الدستور وفي تنفيذ قرارات المجلس الأعلى…” هذا الموضوع يذكرنا بفترة غياب سعاده (1938-1947) عن الوطن، حيث ابتدع “المسؤولون” النظام المجلسي المخالف لفكر سعاده الدستوري: لمبدأ الفصل بين السلطات وللنظام الرئاسي تحديداً (المادة 12). هذه المادة الأخيرة – تعطي الرئيس كامل السلطة التنفيذية بخلاف التعديل الذي يجعل من الرئيس مجرد “ممثل” للمجلس الأعلى. وهذا ما يخالف ايضاً نص المادتين الخامسة والسادسة من المرسوم الاول لسعادة ” أن مجلس العمد ينفذ سياسة الرئيس ( الزعيم) وخططه ومقرراته” وان العميد ينفذ سياسة الرئيس (الزعيم سابقاً ). السقوطألم يكن في عداد المجلس الأعلى عام 1951 أي “أمين” يحمل شهادة في الحقوق أو يمارس المحاماة؟ ألم يكن في عداد الحزب أي رفيق قد تنسّم ولو قليلاً مادة القانون بشكل عام؟ ألم يكن بالإمكان طلب استشارة أحد أساتذة القانون أو الحقوق؟… هذا أمر مؤسف لا بل وخطير بحق الزعيم والحزب. ومازال هذا الأمر مستمراً في الفريقين الحزبيين حتى اليوم: بعدم إعادة الحق للرئاسة بكامل السلطة التنفيذية وفقاً للمادة 12 من دستور سعاده. إنه لمعيب أن نستمر على هذا المنوال منذ ذلك الحين بمخالفة دستور سعاده، وبالتالي مخالفة قسم العضوية: التعاقد. إن القوميين الاجتماعيين يتحملون في هذا المضمار وزر استمرار هذه الأخطاء الجسيمة التي غيّبت فكر سعاده الدستوري المنبثق من نظرة جديدة إلى الاجتماع والسياسة، وتخطيه لمجمل الأفكار الصادرة عن الأمم المتمدنة في هذا الحقل. عملية النقض هذه يُعمل بها حالياً لدى شقّي الحزب، مما يعني أننا ما زلنا حتى اليوم في غربة كلية عن سعادة فكراً ونهجاً ومؤسسات. أُنتخب إذن جورج عبد المسيح ( كان عضواً في المجلس الأعلى خلال فترة اغتراب سعادة وعميداً للتدريب) أول رئيس للحزب بعد استشهاد سعاده في مخالفة صريحة للمواد 11 – 12 – 13 الانتقالية من الدستور الأساسي، لكن سرعان ما دبّت الخلافات فيما بين “المسؤولين” أعوام 53- 54- 55- 1956 وأدت إلى الانقسام المخزي الذي ما زلنا نحمل آثاره القبيحة منذ العام 1957. وما كان هذا ليحدث لو كان “الأمناء” على سوية الأمانة (المرسوم السابع: الرتبة العليا من دستور سعادة). والفريقان يحملان – حتى اليوم – إثم الغياب الكلي عن المواد الانتقالية الآنفة الذكر، وبالتالي عن كل المنهج الدستوري القومي الاجتماعي. إضافة إلى الغياب التام “للعقلية الأخلاقية” الجديدة التي جَهِدَ سعاده لترسيخها في عقول ووجدان السوريين القومين الاجتماعيين، “والمسؤولين” منهم تحديداً. وخلال هذه المحنة – الانقسام، جرت أمور نربأ الخوض في تفاصيلها. وكلها تعني السقوط في الهوة السحيقة التي انحدرت إليها معظم قيادات الحزب بابتعادها الكلي عن الأصول والقواعد السورية القومية الاجتماعية( احداث 1958 و استلام أسلحة رفض استعمالها آنذاك عميد الدفاع فضل الله ابو منصور). / القيادة العليلة /بعد ذلك، قام فريق بعملية انقلابية فاشلة في لبنان في عام 1961. وصدرت بحق “قادته” أحكام بالسجن. خرج بعدها عام 1969 ليتابع مسيرة الانحراف، بدءاً من مؤتمر ملكارت: تعديلات عقدية ودستورية مخالفة، تبع ذلك آثام أخرى أبعدت الحزب عن مسيرته النضالية التي شاءها سعاده وكرّسها بمساره الجهادي القومي. فتسلّم مسؤولية الرئاسة بعد الخروج من السجن ولفترة لا تتجاوز مدة الرئاسة (عدة أشهر) كل من عبد الله سعاده، الذي يروي في كتابه “أوراق قومية” عدداً كبيراً من المفاسد التي مارسها هو وبعض المسؤولين خلال تسلمهم مسؤوليات حزبية، نراه يعود ويتوب. فهو يقول في احتفال لمنفذية الطلبة في أول آذار 1987 بعدما لمس مدى الدرك الذي هوى إليه الحزب: “… لا يكفي أن نعالج الأعراض في حزبنا، يجب أن نعالج العلة، والعلة هي في القيادة، وأنا منها. لا أتهم غيري وأبرّئ نفسي، نحن أخطأنا، أحمل قسطي من هذا الخطأ. مرسوم الأمانة لو طبقناه كما نص عليه المعلم لطالبت أنا بإعفائي من شرف الأمانة. الحمد لله الذي أغنانا بكثرة الأمناء شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً لغايات انتخابية. أعيّنُك أميناً تنتخبني، تنتخبني أُسدي لك مصلحة في الحزب…” إضافة إلى ما “أبدعته” فيما بعد “لجنة منح رتبة الأمانة” إلى هذه العلة عللاً زادت الطين بلة. هكذا سارت الأمور بعد استشهاد سعاده! لذلك لم يحقق الحزب أي إنجاز لتاريخه! وهكذا، يُقسم الأعضاء المقبلون على الدعوة وفقاً للقسم المعدّل المناقض للتعاقد مع سعاده بتأييد مقررات “المؤسسات الدستورية وسلطاتها”. هذه المقررات أو التعديلات المخالفة لجوهر فكر سعاده الدستوري كما هو وارد أعلاه في كلمة الدكتور سعاده، وفي كلمة الأمين المحايري الواردة في ختام هذه المقالة. تبعه يوسف الأشقر الذي فضح في بيانه الرئاسي في كانون الأول 1970: “الاقطاع الحزبي… القائم داخل الحزب”، وجرى إقالته من قبل المجلس الأعلى. تبعه أسد الأشقر الذي ما لبث أن جرى “انقلاب” عليه، فاستُدعي مسعد حجل من المغترب. فتولى رئاسة مجلس العمد بصلاحيات رئيس حزب عام 1972. ليعود ويطل يوسف الأشقر رئيساً عام 1973، فعبد الله سعادة مجدداً عام 1974، الذي ثار القوميون الاجتماعيون لانتخابه، وحدث تمرد من قبل المنفذين العامين، فانتخب انعام رعد عام 1975 الذي كان سبق واحتمى “بانجيله” خلال فترة السجن فعاقبته المحكمة الحزبية بعدم تسلمه أية مهام لفترة محددة تجاوزها المجلس الأعلى بانتخابه. وهو أيضاً الذي كان قد كتب إثر خروجه من السجن في 5 نيسان 1969 مقالة في جريدة العمل الكتائبية، إنه إذا لم يكن يوجد لبنان فيجب أن نخلقه!؟ يقول في كتابه “الكلمات الأخيرة” ص 171 – 172، بعد انتخاب أسد الأشقر رئيساً أنه قام “بمسعى لإيجاد مجلس عمد توحيدي في الحزب… وسارت الأمور لفترة غير طويلة، إلى أن استقال الأمين أسد الأشقر، وأُعيد انتخاب الأمين يوسف الأشقر رئيساً للحزب. ولم تطل مدة رئاسة الأمين يوسف أكثر من ثلاثة أشهر، فقدم استقالته في جو سلبي بينه وبين المجلس الأعلى. وأدت الاستقالة إلى هجوم مسلح ضد المجلس الأعلى، وإلى بداية حركة تمرد في الحزب”. خلال هذه الفترة، قامت حركة إصلاحية هي الأولى من نوعها بقيادة الدكتور الشـاب (27 عاماً) وسيم زين الدين لمواجهة الانحراف والفساد فأعلن في مؤتمر صحفي آخر آذار 1975 تعليق عضوية القادة السابقين وإحالة كل الرؤساء السابقين إلى المحاكمة .كما أعلن ولادة” لجنة قيادية” والعودة الى ” العمل المخلص لوحدة الحزب” و” العودة الى سعادة نهجاً ودستوراً” وتحلق حوله القوميون من شقي الحزب، ووجدوا فيه بصيص أمل في الخلاص من كل الشوائب غير أن حركته أُجهضت في الحال، إذ أُغتيل في ظرف مازال يلفه الغموض والكتمان- كما يشاع – في نيسان 1976.  وبعد انتهاء الحرب اللبنانية، قفز إلى قيادة الحزب “أمناء” وأُغدقت على بعضهم مسؤوليات نيابية ووزارية، فكان خير “مثال” لديهم “الاقتداء” بأعمال ساسة لبنان؟! تتالت التعديلات على صلاحيات الرئيس، وكلها تخالف بشكل جذري الفكر الدستوري القومي الاجتماعي. وتحوّل رئيس الحزب إلى مجرد رئيس يدير جلسات مجلس العمد. وتتخذ القرارات فيه بالأكثرية كما هو الحال اليوم في مجلس الوزراء اللبناني بعد دستور الطائف! ليجري تعديل آخر عام 2001 فيه العديد من المخالفات لدستور سعادة وصولاً الى آخر تعديـل عام 2010 يسمح للرئيس باتخاذ قراراته في مجلس العمد مما يُبقي مخالفة دستور سعاده قائمة سواء في المادتين 7 و 8 من القانون الدستوري الاول او سواه من شؤون اخرى في بقية القوانين. فعلى الرئيس أخذ موافقة المجلس الأعلى على تعيين كل من نائب الرئيس، رئيس مجلس العمد، نواب الرئيس، ناموس مجلس العمد، والعمد (المادة 5 من القانون الدستوري رقم 1) مما يعني أن رئيس الحزب هو مجرد “ممثل” للقيادة الجماعية (المجلس الأعلى). نكتفي بهذه العينة من الأحداث، ومن الرؤساء الذين تسلموا سدة الرئاسة لفترات وجيزة تحت وطأة المشاكل البعيدة عن المفهوم النهضوي للحزب لدى فريق. أما في الفريق الآخر فبعد جورج عبد المسيح تسلّم مسؤولية الرئاسة الدكتور أنطوان أبو حيدر لمدة تزيد عن 40 عاماً. وقد قال في معرض سؤاله عن سبب ذلك في مقابلة له مع مجلة “رؤى ثقافية” أن ذلك عائد للثقة التي كان يوليها إليه القوميون الاجتماعيون. ولن أزيد تفصيلاً، وهذا عيب فاضح في مدرسة النهضة الزاخرة بالإمكانيات المتنوعة! هذا إضافة إلى تعليق العمل منذ العام 1957 بالمرسوم السابع (رتبة الأمانة) للزعيم. وانتخاب رئيس الحزب – أيضاً – من قبل المجلس الأعلى الذي يتحمل السلطة العليا في الحزب (مُجمّع سلطات). والرئيس – أيضاً – مجرد “ناطق” رسمي باسم المجلس الأعلى وفقاً للتعديل الأخير عام 2005! وهكذا بات كل فريق يغني على “ليلاه”، أما سعاده فكراً ونظاماً فغائب عنهما كلياً. مواصفات الرئيس ومشروعه السياسيانطلاقاً من دستور سعاده نرى التالي لاسيما بعد الأخذ بعين الاعتبار إطلاق سعاده على الرئيس “خلف الزعيم”.1-  أن يكون أميناً على رأس نظام مركزي وفق “الرتب والوظائف”. وأن يكون مثالاً وقدوة في العمل القومي الاجتماعي صاحب خبرة ومعرفة في الادارة والاقتصاد والعلاقات الدولية والعمل السياسي القومي. وتنقّل بين مختلف المسؤوليات الحزبية ووضع دراسات وأبحاثاً في مناحي الفكر القومي الاجتماعي.2-  أن يضع مشروعاً لفترة رئاسته، وأن ينال هذا المشروع رضى الهيئة الناخبة (الأمناء). وأن يتناول فيه ما تحقّق من غاية الحزب ولاسيما لجهة “بعث النهضة”… وما سيتابع تحقيقه في هذا الشأن والمؤسسات الجديدة التي سيعمل لتمركزها في قلب المجتمع.3-  أن يكون ملماً إلماماً واسعاً بكل محاور العمل القومي الواردة في المرسوم الدستوري الأول للزعيم: “المصالح العامة الرئيسية”. يناقش المرشح للرئاسة المشروع مع الأمناء. يمكن أن يكون هناك عدة مرشحين. وفي حال اقتنع الأمناء نتيجة المناقشة بمشروع أحد المرشحين أو أكثر، يحدد موعد للانتخابات، وتجري عملية التصويت. والفائز هو من ينال أكثرية أصوات المقترعين.كل ذلك يتم بناء على مشروع حيوي يشمل كل الوطن السوري بواقعه الراهن، والأعمال والمؤسسات المنوي إقامتها لإزاحة كابوس الاحتلالات الاستيطانية لأجزاء من بلادنا. وكيفية الخروج من نفق التمزقات الأتنية والطائفية. وإنشاء المؤسسات الضرورية لاستنهاض الشعب السوري من وهدته. والمؤسسات الحزبية الداخلية الأولى المزمع إقامتها لإنشاء الدولة السورية المستقلة (الحزب – الدولة). والمشاريع المقترحة للتمهيد لبناء الدولة العتيدة وما تحتاجه من تخطيط وتحديث وتطوير. ومتابعة إنشاء المؤسسات الاجتماعية في المناطق، وأنشطتها الشاملة لتقوية المصالح الخاصة داخل كل متحد. ومتابعة العمدات لهذه الأنشطة على طريق إقامة الوحدة الاجتماعية المتينة بين كل أعضاء المتحد. وتطوير الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعمول بها واستحداث الآليات اللازمة لإنجاح عملها. يرافق كل ذلك، متابعة شؤون دولة العدو “اليهودي” وأنشطتها وكيفية مواجهتها ومكافحتها والتأسيس للجيش القومي (المبدأ الإصلاحي الخامس) والعمل لإنشاء أجهزة رصد وخلافه: “كل مواطن خفير” و…، وقد حدد سعاده للرئيس المُنتخب خطة العمل القومي في المرسوم الدستوري الأول (مجلس العمد) رسم فيه محاور العمل القومي الاجتماعي. مما يعني بشكل واضح أن رئيس الحزب يهتم بمحاور العمل القومي الاجتماعي وتخطيط سياسة الحزب اتجاه العالم.وهذا غيض من فيض، مما يجب أن يتضمنه أي مشروع رئاسي. ولما كانت عملية انتخاب الرئيس تتم من قبل مصدر السلطات بعد الزعيم، فإن سياسة الحزب تتقرر في عملية الاقتراع، لأن الرئيس يُنتخب بناء على خطته الرئاسية. فسياسة الحزب هي سياسته التي أُنتخب على أساسها من قبل الأمناء المعبّرين عن السوريين القوميين الاجتماعيين. وكل عملية انتخاب رئيس للحزب على غير هذا الأساس تكون مخالفة لفكر سعاده الدستوري. لذلك يتقدم رئيس الحزب، أمام الأمناء، آخر كل عام من فترة رئاسته، بتقرير يتضمن الأعمال المنجزة من مشروعه و…ولهيئة صيانة الدستور أن تتقدم الى المحكمة المركزية بملاحظاتها على بيان الرئاسة و… وهكذا تتم محاسبة الرئيس في حال عدم تنفيذه مشروعه الذي أُنتخب على أساسه وتعهد بإنجازه. فيكون لدينا “مؤسسة” للرئاسة – بكل معنى الكلمة – يتناوب عليها أمناء. ويصبح في متناول اليد سلسلة المشاريع التي تقدم بها الرؤساء منذ استشهاد الزعيم حتى يومنا الحاضر. ويمكننا الرجوع إليها لدرس النجاحات والعثرات خلال تاريخنا الحزبي. صلاحيات الرئيس:1-  هو رئيس السلطة التنفيذية وحيداً، لا يشاركه في قراراتها أحد على الإطلاق، وفقاً لما أورده سعاده في نص المادة 12 من دستوره.2-  هو بالتالي رئيس البلاد السورية، وقائد القوات الأعلى، وقائد الجيش الشعبي.3-  يعين على مسؤوليته “مساعدين” له، يشكلون مجلس العمد وفقاً للمرسوم الأول لسعاده. مما يعني أن رئيس الحزب يجب أن يكون على اضطلاع تام بكل المصالح العامة الرئيسية الواردة في المرسوم الأول كما سبق القول.4-  يجري إعداد الموازنة وفقاً لخطته بمشاركة العمدعلى أن تكون الأموال من نتاج مؤسسات الحزب تدليلاً على استقلالية قراراته. 5-  يقترح مشاريع القوانين الضرورية لتسيير دفة الحزب – الدولة، ويقوم بعد تشريعها من قبل المجلس الأعلى بنشرها بمراسيم. لاسيما اقتراح إنشاء دوائر جديدة (مصالح خاصة وقوانين داخلية لكل منها) داخل كل مصلحة عامة رئيسية (عمدة). وإنشاء مصالح عامة جديدة وفقاً للضرورات التي تقتضيها التطورات الحاصلة في المجتمع والدولة.6-  يمنح الأوسمة (قانون الأوسمة) والرتب (قانون الرتب) – متى يرى النور – لأصحاب النضالات والمؤهلات وفقاً لملفاتهم التي تجيز ترفيعهم من رتبة إلى رتبة أعلى على المستويين الاجتماعي والسياسي.7- يشرف على متابعة الكوادر المثقفة المشاركة في الندوة الثقافية، ويحضر جلساتها لإعطاء التوجيهات الضرورية جرياً على عادة الزعيم . نيابة الرئاسة:جرت العادة، منذ عدة سنوات، على تعيين نائب للرئيس، وذلك تقليداً أو انسجاماً مع بعض الأحزاب الحاكمة في كيانات الوطن السوري. ولا صلاحية لهذا النائب على الإطلاق إلاّ في حال غياب الرئيس خارج الوطن أو مرضه، أو…  ولم أجد أية حاجة لمثل هكذا منصب، لاسيما في حال وجود رئيس مجلس عمد يقوم بعمل إداري بحت تحت سلطة وإشراف رئيس الحزب. وبالعودة إلى فترة وجود ســـعاده، فقد كان ولمرة واحدة فقط، بعكس ما جرت فيه الأقلام من بعض “الأمناء”، قد عيّن نائباً للزعيم هو صلاح لبكي خلال فترة سجنه الأول، لمدة ثلاثة أيام فقط (بلاغ من مكتب الزعيم – 1940.11.30) لأن الأخير كان معروفاً بميوله اللبنانية والانتدابية ولضرورات العمل السياسي بهذه الشخصية تستراً على خطة الزعيم البعيدة المرامي في هذا الشأن. ولم يعد سعاده إلى هذا الإجراء فيما بعد نهائياً، والدليل خلو الدستور المصنّف عام 1937 من هذه الوظيفة. بعد سعاده “فلت الملّق” فقد أُرتُجلت القرارات “الخطيرة”، وماعت المواقف إزاء المسائل الدقيقة الحساسية، إذ أجاز فريق تعيين نائب رئيس حزب للكيان اللبناني، وآخر للكيان الشامي “والحبل ع الجرّار” ولدينا اليوم عميد “لفلسطين” في لبنان ربما يُرفع من وظيفته ليعين فيما بعد نائباً للرئيس في الكيان الفلسطيني!!.. في مخالفة للنظام المركزي. النظام الرئاسي:طوال تاريخ الحزب – بعد استشهاد سعاده – لم يكن لدى الحزب رئيس وفقاً للمواد الانتقالية من الدستور الأساسي. وبالتالي لم يجرِ تطبيق هذه المواد عند أي من الفريقين الحزبيين. فالرئيس لديهما يستمد صلاحياته ويعمل تحت إشراف سلطة المجلس الأعلى. والأخير يُغدق عليه من خيراته! فلا فصل للسلطات كما شاء سعاده وعمل في حياته الحزبية القصيرة: هو مصدر السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولم يكن يتدخل إطلاقاً في قرارات السلطة القضائية (مرسوم سعاده عن المحكمة المركزية). ولا يوجد في الدستور المعمول به لدى الفريقين احترام للمبدأ الديموقراطي: الفصل بين السـلطات، ولا أية إشارة إلى العلاقة فيما بينها كما لا يوجد نص على محاكمة الرئيس في أي حال من الأحوال و…. ؟! فالرئيس لم يكن يوماً رئيساً للسلطة التنفيذية. وكان نظامنا نظاماً مجلسياً منذ العام 1951 بخلاف ما أورده سعاده في المادة 12 من دستوره. وقد قَبِلَ القوميون الاجتماعيون ذلك أيضاً “بحكم النظام” في مخالفة واضحة لمعنى التعاقد الوارد في مقدمة الدستور. وتدليلاً، على فساد النهج الدستوري المستشري في الحزب منذ استشهاد سعادة، وعدم استقرار العمل التشريعي منذ ذلك الحين، عبر صياغة قوانين “دستورية” متناقضة مع غيرها من القوانين، وبالتالي مع النهج الدستوري السليم لفكر سعاده في هذا الخصوص المنبثق من نظرته إلى الاجتماع والسياسة، وعدم وجود جهاز رقابة قضائي للنظر في دستورية القوانين، نورد المقطع الأخير من بيان أول آذار لعام 1987 لرئيس الحزب الأمين عصام المحايري الذي تعهد فيه بمواجهة كل أشكال الفساد والإنحراف داعياً للعودة للانطلاق من دستور سعاده . وفيما يلي النص:”في يوم سعادة العظيم،وباسمكم جميعاً،باسم التراث النضالي الممهور بدماء الشهداء وآلام المناضلين وعطاءاتهم، وحيال الموقف الخطير الذي يتطلب منا استجماع قوانا في قوة عقيدتنا وقوة نظامنا الدستوري وقوة مناقبنا الصراعية،أعلنبكل اقتناع ويقين والتزام وانتماءوبكل ولاء لزعيمي وأمتي وحزبي:أولاً:   أن النظام الحالي للحزب السوري القومي الاجتماعي ليس نظامنا القومي الاجتماعي. والدستور المعمول به حالياً يقوم على مبادئ مختلطة تتنافى مع المبادئ الدستورية العقائدية للدستور الدقيق الصارم الذي جعله سعادة منطلقاً وتطبيقاً لمذهبنا السوري القومي الاجتماعي في الاجتماع والسياسة.ثانياً:  إن دستورنا هو الدستور الأساسي والقوانين الدستورية كما وضعها زعيمنا. فهذا هو نظامنا، نظام الديمقراطية التعبيرية الذي تعاقدنا عليه مع المعلم. وأن مسؤوليتنا أن نصون التعاقد. فنحرر دستورنا من المبادئ الدخيلة التي عطلته وأفسدته.ثالثاً:  إن جسم الأمناء في حالته الحاضرة. لا يصلح أساساً لانبثاق سلطات قومية اجتماعية بمعناها العقيدي والدستوري والمناقبي.رابعاً: بصفتي عضواً أقسم يمين الولاء للزعيم والأمة.وبصفتي رئيساً مسؤولاً.وبصفتي أميناً للزعيم وللقضية السورية القومية الاجتماعية.قررت مواجهة التخريب والفوضى بكل قواي، وحتى آخر يوم من ولايتي، متنكباً مسؤولياتي الكبيرة كاملة تجاه الأمة والزعيم، داعياً القوميين الاجتماعيين جميعاً إلى النهوض بمسؤولياتهم القومية الاجتماعية. ودعم ثورة التغيير للأوضاع اللادستورية. فيكون احتفالهم بيوم سعادة العظيم احتفالاً لانطلاقنا السليم على درب المعلم وقدوته”.  وقد نكث بتعهده…!؟ العودة للانطلاق من دستور سعاده هو الحل الوحيد لإعادة بناء حزب سوري قومي اجتماعي لإنقاذ الأمة من رياح التقسيم العاتية التي تعصف بها. في حلقتنا التالية نتناول: مؤسسة العمد ومجلسهم.

 

شاهد أيضاً

عصام فارس علامة فارقة في الحياة السياسية.. والعكاريون يناشدونه العودة

تتفق معظم التيارات والاتجاهات السياسية اللبنانية، إن لم نقل كلها على أن عصام فارس شكل علامة فارقة في العمل السياسي والانمائي لثلاثة اسباب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *