الرئيسية » لنا نظرة » صور جامدة باهتة
مضى على الفولكلور الانتخابي حوالي الشهرين، وقد فاز بالنعيم من فاز، وخسر أحلامه من خسر، إلا ان صور المرشحين الفائزين منهم والخاسرين ما زالت مصلوبة على أعمدة الكهرباء

صور جامدة باهتة

مضى على الفولكلور الانتخابي حوالي الشهرين، وقد فاز بالنعيم من فاز، وخسر أحلامه من خسر، إلا ان صور المرشحين الفائزين منهم والخاسرين ما زالت مصلوبة على أعمدة الكهرباء وعلى الجدران وعلى جذوع الأشجار، وما زالت شاهدة على مساوئ القانون الانتخابي المعمول به في وطننا الغالي، والذي نسعى بصدق أن نرتفع به الى مصاف الدول المتحضرة والمتطورة والمتنورة.

ان عملية إلصاق الصور الشخصية في كل مكان أثناء العملية الانتخابية تحمل في طياتها أموراً كثيرة، تحتاج الى مناقشة جدية في محاولة للخروج من الخطأ والدخول في الصواب مما تعنيه تلك القضية ما يلي:

1 ـ أن يلصق المرشح صورته في كل مكان يعني انه لا يحمل إلا صورته، وهذا خطأ، لأن العمل النيابي هو عمل سياسي بامتياز ولا يجوز اطلاقا أن تختصره الصورة الشخصية.

2 ـ أن يلصق المرشح صورته في كل مكان هو تلويث للبيئة وأذى يلحق بالجدران النظيفة، وبجدران المعابد والمدارس، وتشويه حقيقي لكل الأعمال الهندسية، ولكل اصول الحضارية التي تبرز جمالية البناء والجسور والطرقات والتي تقضي بأن يكون الاعلان في أماكن محددة ولآجال محددة وباكلاف محددة..

3 ـ عدا عن الأصول الحضارية، هناك أذى يلحق بالمواطن الذي يجد نفسه مجبراً أن يرى صوراً مرفوعة حوله وهو غير مضطر لذلك، فتخلق عنده حالة من الرفض لما يراه صباحاً ومساءً وفي كل إلتفاتة يميناً او شمالاً.

4 ـ إن إلصاق الصور على الأملاك الخاصة يحدد هوية صاحب تلك الأملاك السياسية وبالتالي يحدث هناك فرز سياسي علني ينطوي على الاستفزاز والتحدي، بينما تنطوي العملية الانتخابية على الكثير من الحضارة والرقي.

5 ـ إن إلصاق الصور أو رفعها فوق الأملاك الخاصة إنما يتم مقابل مبالغ يدفعها صاحب الصورة الى صاحب الملكية، وبالتالي ينتج عن ذلك اعلان مزور غير صادق، لأنه مقابل بدل من المال.

6 ـ إن بقاء الصور الدعائية للمرشحين معلقة ومرفوعة هنا وهناك بعد انقضاء الانتخابات إنما ينم عن غياب تام للروح المسؤولة عند المرشحين، الذين يدفعون أموالاً طائلة مقابل إلصاق ورفع صورهم ولا يهتمون لأمر إزالتها بعد انتهاء الانتخابات لأن القانون وإن الزمهم نظرياً بذلك فهو لا يلزمهم عملياً، ولأنهم لا يلزمون أنفسهم، فتبقى صورهم شاهدة على هفوات القانون الانتخابي، وشاهدة على هفوات المرشحين وتبقى جامدة في أماكنها، تبهت ألوانها وتختفي معالمها شيئاً فشيئاً، كما تختفي معالم السياسة المسؤولة والعمل المسؤول في هذا الوطن.

د. مصطفى عبد الفتاح

شاهد أيضاً

كورال الفيحاء أدهشت المجلس الدولي للموسيقى

شهد مسرح “مركز الصفدي الثقافي” في طرابلس أمسية متميزة لكورال الفيحاء بقيادة المايسترو باركيف تسلاكيان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *