الرئيسية » شعر ونثر » وإنا لفراقك يا ابراهيم لمحزونون.. وإنا لفراقك يا جمانتي لمفجوعون
لست أول شخص أُفجع لفقدانه لكنك أول شخص يرحل ويبقى، وكأنك كالشمس تغرب لتشرق في الصباح التالي،بين النجوم تختبئين،يغطيك سراب حزنٍ قاتل وتنسلين بين شعاعات النور وتحت أجنحة الظلام لترتسمي وتولدي مع أي حركة أو إشارة. حتى القلم يتعثر في خطاه على الورق، وكأنك قضمت انسيابه فبدل أن تسير مدامعه حبراً

وإنا لفراقك يا ابراهيم لمحزونون.. وإنا لفراقك يا جمانتي لمفجوعون

لست أول شخص أُفجع لفقدانه لكنك أول شخص يرحل ويبقى، وكأنك كالشمس تغرب لتشرق في الصباح التالي،بين النجوم تختبئين،يغطيك سراب حزنٍ قاتل وتنسلين بين شعاعات النور وتحت أجنحة الظلام لترتسمي وتولدي مع أي حركة أو إشارة.

حتى القلم يتعثر في خطاه على الورق، وكأنك قضمت انسيابه فبدل أن تسير مدامعه حبراً جف حبره بؤساً.

وبين الحقيقة والمحال يستحيل تصور ما حدث؛متى كانت الجبال تدك؟ قد دك الجبل!ومتى كان الهرم يتداعى؟تداعى الهرم! ورحلت بصمت،محطمة كل شيء..يا لفظاعة الفراق يسلب من كل شخص شيئاً،وسلب من أشخاص وأشخاص أشياء وأشياء…

وأسترجع جملة كنا نتنافس في تردادها حين تحس كل منا دنو الأجل،أوتستدعي ملاك الموت،ترتجيه وضع حد لمآسيها<<لمن ستتركيني،ماذا سيحل بي بعدك؟>>وفزت بالتحدي فسبقتني وتركتني أردد أنا الجملة..لمن ألجأ في نوائبي؟؟كنت الصدر الذي يحتوي شكواي،والقلب الذي يدق لفرحي،كنت نصفي الآخر بالتحديد،يقهرك ألمي أكثر مما يوجعني،ويطربك فرحي أكثر مما يسعدني،وكل ظروفي وكل حياتي،بأدق تفاصيلها كنت تعيشينها بنفس إحساسي،واليوم لم أعد أحسن الشكوى،ولا أستسيغ الفرح الذي لم أعتد تذوقه إلا لتقيئه.

وأسترجع كل من رحل..تكون الصدمة في البدايةقاسية،مريعة،فتاكة،وتشتد يوماً بعد يوم،وتمر السنون فتخف وطأتها وننشغل بهموم الحياة اليومية،أما رحيلك فله ناتج آخروحقائق أخرى، كالأيام:كل يوم يرحل في آخر الليل ليعود تاليه في صباح جديد؛وأنت كذلك تأبين إلا العودة في كل لحظة لذاكرة وأذهان ووجدان وحاضر الكثير.

_ماذا حل بكل من تركتهم بعدك؟فراغ مدمر.والكل يعرف من أنت؟ومن كنت؟الأم لأبناء من شتى الأرحام،والأخت المحيطة بحنانها،القلقة برعايتها،المحتضنة بدفئها واحتوائها..الصديقة الصدوقة المزدانة بوفائها وإبتها ورفعتها وسموها،الجارة الحافظة لجيرانها…ماذا أذكر بعد،كنتِ كل المزايا بكل محاسنها.

_ملاذ للهموم،مأوى للشكوى:كم مسحت دمعاً ودمعك منحبساً،وكم أرحت نفساً ونفسك مكتئبة،تعودت الإنصات اكل شاكٍ وشكواك أعمق.لم اعرف متعباً إلا ودق بابك ليرتاح لا لترتاحي؛وبصمتٍ وهدوءٍ وحكمة كنت تمنحين العلاج سَكينةً للصغير والكبير،وتجودين بالنصح للقريب والبعيد،وكأنك خُلقت لتعطي لا لتاخذي،لتهبي لا لتستردي،ولتداوي لا لتتداوي.

كما الصاعقة نزل نبأ رحيلك فأباد كل شيء،كما الطوفان جرف ما جرف،كما الزلزال هدم وبعثر وشتت،وانقلبت الأحوال رأساً على عقب.رحلت بصمت تاركة كل ما حولك ينزف،بكاك كل من يعرفك ولا يعرف.هل يا ترى بكوك كشخص أم بكوك كهالة نور مشعة تضيء لكل من حولها،أم بكوا أنفسهم،فلو تدرين يا لؤلؤة ماذا أخذت معك؟سلخت الفرح من قلوب،واستأصلت الهدوء من نفوس،وتركت الأجساد سكارى ألمٍ لا تُبرئه تعاقب الأيام ولا تتالي السنين.

في داخلي شرخ،في قلبي صراخ مخنوق،وفي عيني دموع منحبسة تنهمر بين الفينة والفينة لتعود بعدهما لى شرود ضائع بين رفض ما حصل وواقعه.ما عاد في الحياة ما يخفف مرارتها.وأستعيد كلماتك التي كانت تعينني في الأوقات العصيبة على الإستمرار-بلا جدوى-فلا معنى للكلمة إن لم تخرج من شفتيك،وأنا أقرأ تعابير وجهك التي كانت تنعكس عليّ مقاومة ومساندة،فترتمي الأحزان تحت أقدام املٍ:حكته بوفاء واستعداد لتحمل وتلمس أحزان الآخرين،ومسحته بلمسة سكون،فتحول إلى قدرة على المواجهة والتقبل والتأقلم.

_كل شيء يُعتاد إلا فراقك الذي أحسه كضرب من ضروب الجهاد في سبيل الخضوع لواقع لا يحتمل،وحقيقة لا تطاق.

_لست أرثيك يا غالية بل أرثي نفسي،فروحنا التي كانت واحدة غادرت،والفرق بيني وبينك أن جسدك طواه التراب،أما جسدي فطوته الغربة والوحدة والبؤس.

_وداعاَ يا حبيبة،وداعاً يا غالية،وداعاً يا نادرة،وداعاً لرحيلك الجسدي،ووداعاً لرحيلي الروحي.

_واحرقتاه،لم أعد أردد إلا شطراً واحداً كتبته يوماً،إذ كان وليد مرحلة تعاسة وتشاؤم ويأس،واليوم أحسه في كل لحظة

<<رب موتٍ والقلوب نابضة               فاق موت العيون المغمضة >>

هنيدة نافع

شاهد أيضاً

امسية موسيقية في منيارة – عكار

قدمت فرقة “بيت الموسيقى” في جمعية النجدة الشعبية اللبنانية أمسية موسيقية من التقليد الموسيقي المشرقي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *